للاعتقاد ، فالمأتي به المخالف للواقع لا يجزي عن الواقع ، سواء القطّاع وغيره ، وإن كان للاعتقاد مدخل فيه ، كما في أمر الشارع بالصلاة إلى ما يعتقد كونه قبلة ، فإنّ قضيّة هذا كفاية القطع المتعارف ، لا قطع القطّاع فتجب عليه الإعادة وإن لم تجب على غيره.
ثم إنّ بعض المعاصرين وجّه الحكم بعدم اعتبار قطع القطّاع ـ بعد تقييده بما إذا علم
____________________________________
فعلى الأول أصل عدم الإجزاء صحيح ، إذ المكلّف لم يأت بالواقع فيجب عليه الإعادة في الوقت أو القضاء في خارجه ، ولكن الحكم بعدم الإجزاء لا يختصّ بالقطّاع ، بل يجري في غيره أيضا.
وعلى الثاني ، أي : على تقدير أن يكون القطع مأخوذا في الموضوع ، وإن كان الحكم بعدم الإجزاء مختصّا بالقطّاع لأن المأخوذ في الموضوع هو القطع المتعارف لا قطع القطّاع ، فإذا كان القطع متعارفا لا يجب القضاء والإعادة لأن موضوع الحكم كان متحقّقا ، والحكم يكون ثابتا بعد تحقّق الموضوع فيجزي ما أتى به لأنه قد أتى بالواقع.
هذا بخلاف القطّاع ، فإنّه لم يأت بالواقع فيبقى التكليف الواقعي على حاله ، فيجب القضاء أو الإعادة ، فثبت الفرق بين القطّاع وغيره ، الّا أنّ هذا الفرق لا يفيد لأنّ القطع الموضوعي يكون على خلاف ما هو المفروض ، إذ المفروض هو القطع الطريقي.
وبالجملة ، فالحكم بعدم الإجزاء ووجوب الإعادة في فرض القطع الطريقي لا يختصّ بالقطّاع ، وفي فرض القطع الموضوعي وإن كان مختصّا به الّا أنّه يكون على خلاف الفرض ، فالمتحصّل من أول البحث إلى هنا هو عدم صحّة ما أفاده كاشف الغطاء رحمهالله.
(ثم إنّ بعض المعاصرين وجّه الحكم بعدم اعتبار قطع القطّاع).
وقد وجّه وصحّح صاحب الفصول ما أفاده كاشف الغطاء رحمهالله ، حيث اعتبر قيدا زائدا في حجّية القطع ، وهو عدم منع الشارع من العمل به ، فإذا علم القطّاع أو احتمل منع الشارع عن العمل بهذا القسم من القطع لا يجوز له أن يعمل بقطعه.
ثم القطّاع يتصوّر بأربع صور :
أحدها : أن يكون عالما بحجّية قطعه ، ولا يحتمل المنع شرعا.
ثانيها : أن يكون غافلا محضا.
ثالثها : أن يعلم بعدم الحجّية للمنع شرعا.