لأنه إنما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية اللاّحقة لذاته مما هو مفاد كان الناقصة بصورة عامة من غير فرق بين الحديث المتضمن للحكم الشرعي وغيره ، فإن البحث فيه عن ذات الخبر بما هو خبر لا بما هو متحمل للحكم الشرعي.
فالتعريف الثابت لكلّ قسم من هذه الأقسام للخبر الّذي جاء الآلوسي على ذكره شامل لأفراده طردا وعكسا ، وينطبق عليها انطباق الكلّي على مصداقه والطبيعي على فرده ، ولا ينافيه عروض ما يحصل بسببه وقوع الاختلاف بين العلماء في تعيين بعض المصاديق الخارجية وكونها داخلة في هذا المفهوم أو غيره ، كما هو الشأن في كلّ تعريف جامع مانع ، فإنه يقع الاختلاف في فردية أحد المصاديق لأحد المفاهيم بسبب عروض ما يحصل معه الترديد والاختلاف في الصغرى لكلّ واحد منها ، لذا كان إطلاق الصحيح عند بعضهم على الضعيف عند آخرين لمكان ثبوت صحته عنده وأنه من مصاديق مفهوم ذلك التعريف ، وعلى عكس ذلك تراه عند بعضهم حسنا وهو ضعيف أو قوي عند قوم آخرين ، وذلك كلّه لا ينافي التعريف الجامع المانع لكلّ قسم من أقسام الخبر لأن الجميع متفقون على صحة الكبرى الكلّية وغير مختلفين في شيء من تعريفها وإنما اختلفوا في صغريات الكبريات ، فيرى بعضهم أن هذا الحديث صغرى لتلك الكبرى والآخر يرى عكسه ، فهذا لا يعني أنهم قد أهملوا قيود التعريف لأقسام الخبر ـ على حدّ تعبير الآلوسي ـ بل هي في مرتبتها محفوظة عندهم في جميع مراتب الاختلاف ، وإنما كان اختلافهم في ثبوت تلك القيود الثابتة باليقين للصحيح من الضعيف عند بعضهم وعدمه عند آخرين وكذا الحال في البعض الآخر ، هذا كلّه في مرحلة الثبوت أما مرحلة الإثبات ، وبعبارة أخرى مرتبة العمل بالخبر المتضمن لحكم من الأحكام الشرعية فالضابط فيه عند الشيعة هو : أن كلّ ما كان من الحديث صحيحا بأن رواه العدول ، أو كان محفوفا بالقرائن المفيدة للعلم ، أو الوثوق والاطمئنان بصدوره عن المعصوم عليهالسلام فهو حجّة عندهم ، وكلّ ما كان ضعيف السند ولم يصل إلى هذه المرتبة ، أو صحيح السند ولكن أعرض عنه العلماء من الشيعة