أحدهما : وضع اللّغة ، والآخر : عرف الشّرع ، فإنه يجب حمله على الثاني ، ومن هنا حملوا لفظ الصّلاة والحج والزّكاة وغيرها على عرف الشّريعة ، ومن الواضح أن لفظ الاستمتاع قد أضيف إلى النّساء وعليه يكون المراد : متى عقدتم عليهن بهذا العقد الخاص فآتوهن جميع أجورهن أي مهورهن ، ولو لم يكن المراد المتعة المذكورة لم يجب شيء من المهر على من لم ينتفع من المرأة بشيء بالنّكاح الدائم واللاّزم باطل والملزوم مثله باطل ، لأنه يجب وإن لم ينتفع بشيء منها إجماعا.
توضيح البطلان : هو أنّ الله تعالى قد علّق وجوب إيتاء الأجور على الاستمتاع بهن فلا يجب بدونه ، وقد علمنا أنّه إذا طلّقها قبل الدخول لزمه نصف المهور في النّكاح الدائم فيكون معناه هذا النّكاح المنعقد بمهر معيّن إلى أجل معلوم.
وشيء آخر : أنّه لو أراد النّكاح الدائم لوجب على الزوج بحكم الآية جميع المهر بمجرد العقد ، لقوله تعالى : ( فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ ) أي مهورهن ولا قائل به إجماعا ، وإنّما تجب الأجور بتمامها بنفس العقد في نكاح المتعة خاصّة دونه.
رابعا : لو كانت الآية تريد النكاح الدائم لكان على الخصوم أن يكتفوا في انعقاده بلفظ التمتع كما ينعقد بلفظ التزويج والنّكاح ، لأن الآية صريحة في الاكتفاء بلفظ الاستمتاع في انعقاده ، ومن حيث أنّهم لا يكتفون بلفظ التمتع في انعقاده دواما علمنا باختصاصه في نكاح المتعة المدلول عليه في الآية.
خامسا : إن الاستمتاع أعمّ من الجماع ، فتخصيصه به تخصيص بلا مخصص وهو باطل وإرادته من الآية خاصّة باطلة.
وإن عشت أراك الدهر عجبا فإن تعجب فعجب قول موسى جار الله في ( وشيعته ) : « لو كان ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ ) في حلّ المتعة بكفّ من بر فكيف يكون قوله تعالى بعد هذه الآية : ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ