فظهر من جميع ما تلوناه عليك سلامة الآية عن المعارض مطلقا ، وأنها نصّ صريح في إمامة عليّ عليهالسلام بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وبطلان خلافة المتقدمين عليه ، وأن ما أدلى به الآلوسي من القول وضعيف الرأي ليوهن به ركن الآية قد أوهن به قرنه قبل أن يوهنها أو يمسّها بشيء : ( وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ ) [ المائدة : ٦٧ ] (١).
قال الآلوسي ص : (١٠١) : بعد كلام طويل فارغ لا لب فيه قال : « إن تمسك الشيعة بهذه الآية كان باطلا أيضا ، لأن التمسك بالآية التي يتوقف دلالتها على خبر الواحد لا يجوز في مسألة الإمامة ».
فيقال فيه : لا زال الآلوسي يعطينا صورا متنوعة من صور الافتراء ليخدع بمزاعمه القراء ، ولا أحسب أن هذه المفتريات تنشب بذهن مسلم عرف الدين ووقف على أصوله وفروعه وقفة الباحث البصير.
فإن قوله : « فيتوقف دلالة الآية على خبر الواحد وهو لا يجوز في مسألة الإمامة » فاسد من وجهين :
الأول : ما تقدم ذكره من أن دلالة الآية كانت بالأحاديث المتواترة بين الفريقين ، وأن إجماع المفسرين من أهل السنّة والشيعة قائم على نزولها في ولاية عليّ عليهالسلام لا في غيره.
الثاني : لمّا كان خبر الواحد حجّة عند خصوم الشيعة في مسألة الإمامة كان الاستدلال به عليهم إلزاما لهم بما ألزموا به أنفسهم من حجيّة آحاد الخبر صحيحا لا ريب فيه ، وكيف لا يكون حجّة في مسألة الإمامة وقد قامت خلافة أهل السّقيفة عليه ، فإن حديث الخلافة في قريش الّذي أورده أبو بكر (رض) ليدفع به الأنصار
__________________
(١) ويقول ابن حجر في الفصل الثالث من الباب التاسع في ثناء الصحابة على عليّ عليهالسلام ص : (١٢٥) من الصواعق المحرقة لابن حجر ، عن ابن عباس ، قال : ( ما أنزل الله يا أيّها الّذين آمنوا إلاّ وعليّ أميرها وشريفها ، ولقد عاتب الله أصحاب محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم في غير مكان وما ذكر عليّا إلاّ بخير ).