وأما خلافة عثمان فأثبتوها بزعمهم بالشورى التي ابتكرها الخليفة عمر (رض) ولم يذكر أحد نزول آية في خلافته فضلا عن نزول آيات فيها كما يزعم (١).
فالآلوسي يورد الآيات ويزعم أنها ناصّة على خلافة الخلفاء (رض) والخلفاء أنفسهم (رض) لا يعرفون شيئا من أمرها ولم يأتوا على ذكر آية واحدة منها في إثبات خلافتهم ، فهو ينسب الجهل بتلك الآيات إلى الخلفاء (رض) فيطعن فيهم طعنا صريحا ويفتري عليهم افتراء فظيعا ، فيعزى إليهم ما يجهلون ، كما نسب الجهل إلى الصحابة جميعا بمفهومها ووجه دلالتها ، لأن واحدا منهم لم يقل عند ما احتدم النزاع في السّقيفة : ( لما ذا تتنازعون وهذه الآيات التي أوردها الآلوسي ناصّة على خلافة أبي بكر (رض) تمنعكم من التنازع وتوجب عليكم الخضوع لها والتسليم لأمرها ) ومن حيث أن شيئا من ذلك لم يقع إطلاقا علمنا أن ما ادعاه الآلوسي من الآيات الناصّة على خلافة الثلاثة كذب وانتحال لا أصل له حتى عند الخلفاء الثلاثة (رض).
والغريب من الآلوسي ـ وإن كانت مزاعمه كلّها غريبة ـ أنك تراه تارة يزعم :
( أن الإحتجاج بالآيات أو الأحاديث لا بدّ وأن تكون مسلّمة الثبوت عند الخصم لأن الغرض من إقامتها إلزامه بما هو حجّة لديه وعليه ) وأخرى كما تراه هنا يحتج بآيات يزعم أنها ناصة على خلافة الخلفاء (رض) مما لا تعرفه الشيعة وتطعن أشدّ الطعن فيه ، بل يحكمون بكذب كلّ حديث تفرّد به خصومهم في فضل الخلفاء الثلاثة (رض) ويعتقدون أن كلّ آية أو رواية زعموا نزولها أو ورودها فيهم (رض) هي من وضع أوليائهم فيهم تعصبا لهم لا سيّما عصر معاوية بن أبي سفيان وغيره من الأمويّين والعباسيّين ، ذلك العصر المظلم بغياهب الظلم والفساد والتعصب والعناد والسّجون والإرهاب فكيف يسوغ له الإحتجاج بذلك عليهم وهم يتبرءون منه ، وناهيك بتناقضه هذا دليلا على جهله بأصول المناظرة.
__________________
(١) تجد قصة الشورى في ص ١٠٣ ـ ١٠٤ ، في الباب السادس في خلافة عثمان بن عفان (رض) من الصواعق المحرقة لابن حجر.