فالآلوسي كتب ما كتب وهو إلى هنا لا يفرق بين الذات وبين العرض ولا يعرف شيئا من أمرهما ، وإنّما نقل ذلك عن كتاب هندي بلا تعقل ولا روية وبالطبع أن ذلك الهندي أيضا التقطه من وراء كتب بعض أشياخه فنقله إلى اللّغة العربية وهو غير عارف بمعنى ما نقله سوى أنه رأى ألفاظا هندية خطّها أحد علماء سلفه حول أمثال هذه القضايا الفلسفية ، فأراد أن يظهر للناس نفسه على أساس حبّ البروز الشخصي من جهة والحقد الشخصي على الشّيعة من جهة أخرى ، وأن يبيّن للناظرين من أبناء قومه الهنود جهله وبغيه فسطّرها في كتابه على فسادها وهو غير عارف بشيء من معناها ، ومن المقرر عند أهل الفن أن المفروض بمن يريد أن يترجم أية لغة إلى لغة أخرى أن يفهم أولا تلك اللّغة جيّدا حتّى يتسنى له ترجمته إلى تلك اللّغة المطلوبة ، لذا لا يصح لمن كان هنديا لا يحسن شيئا من لغة العرب سوى الخبط في الألفاظ أن يترجم شيئا من الهندية إلى العربية ، كما لا يصح لمن يجيد العربية ولا يفهم شيئا من اللّغة الهندية أن ينقل شيئا من الهندية إلى العربية ، وكذا الحال في كافة اللّغات فإنه يجب على الناقل أن يجيد كلاّ من لغة المنقول عنه والمنقول إليه لكي تأتي الترجمة صحيحة متقنة سالمة من الغلطات اللّفظية والمعنوية.
ولكن الهندي لم يراع هذه القاعدة في ترجمته فترجم ما لا يفهم ولم يفهم ما ترجم ، وجاء ( شيخ الإسلام ) محمود الآلوسي من وراء ظهره فنقل ما سطّره الهندي في أساطيره المهملة دون أن يتفطن حين نقله إلى غلطاته فتناقض هو وإيّاه في أبحاثه أقبح تناقض.
قال الآلوسي : « وأما بطلان الثالث ـ أي اقتضاء الأفعال المدح والذم بالاعتبارات ـ فلأن الاعتبارات أمر عدمي ولا يكفي في العليّة وجود المنشأ ، والحسن والقبح بالمعنى المتنازع فيه من الوجوديات ، ولا يكون علّة الوجودي اللاّوجودي ، مع أنّ ما يضاف إليه تلك الاعتبارات أفعال أيضا ، فحسنها وقبحها إن كان بالمعنى المتنازع فيه لزم الدور أو التسلسل أو بمعنى غيره ، فلا يلزم سراية الحسن والقبح بالمعنى المتنازع فيه باعتباره في المضاف للتباين ».