القياس ) ويعني هذا أن حجيّة القياس عند أهل السنّة تثبت بحكم العقل ، ولا شك في أن هذا هو الآخر أيضا من حكم العقل في أمر من أمور الدين عندهم ، وقد نفى هنا أن يكون للعقل حكم في أمر من أمور الدين ، فالآلوسي يريد أن يحتج على خصومه بالمتناقضات الباطلة على إثبات مذهبه المتناقض الباطل دون أن يهتدى إلى أن ذلك كلّه باطل.
ثانيا : قوله : « ومذهب الإمامية هنا مخالف للكتاب وللعترة ».
فيقال فيه : لا شكّ في أن من يطّلع على كتاب الآلوسي يراه يضرب أخماسا بأسداس ، ويعتمد الشّبهات وينكر البديهيات ، فإذا ما كشفنا لك عن حال زعمه هذا فستقف مستغربا حينما ترى الأمر فيه معكوسا عليه من وجهين.
أما الأول : فلأنه لو كان النّظر في معرفة الله واجبا بالسّمع لا بالعقل لزم الدور الصريح المعلوم بالضرورة بطلانه ، وذلك لتوقف معرفة الوجوب على معرفة الموجب ، فإذا كنّا لا نعرف الموجب بشيء من الاعتبارات فنعلم بالبداهة أنّا لا نعرف أنّه موجب ، فلو توقّف معرفته على معرفة الموجب كان دورا صريحا.
وبعبارة أوضح أنّ وجوب معرفة الله موقوف على أمره تعالى بوجوب معرفته ، فلو توقّف أمره بمعرفته على وجوب معرفته لزم الدور ، فتعليل وجوب معرفته بأمره محال باطل.
الثاني : إنّ المعرفة لو كانت واجبة بالأمر الشّرعي لكان الأمر بها إمّا أن يتوجه إلى العارف والعالم بالله تعالى أو إلى غيرهما ، والتاليان باطلان بالضرورة ، أما التالي الأول فلأنه تحصيل حاصل وهو باطل لأن الشيء لا يحصل مرتين ، وأمّا الثاني فلأن غير العارف بالله يستحيل أن يعرف أن الله تعالى أمره لأن كون الأمر من الله يتوقف على معرفته ، فلو توقفت معرفته على أمره فقد جاء الدور الصريح بل أمره في نفسه مستحيل ، وذلك لأن كون امتثال أمره واجبا يتوقف على أن يعرف أنّ الله تعالى قد أمره وأن امتثال أمره واجب ، وإذا كان من المستحيل أن