كشف الرجز أمر ممكن الوقوع لذا استحق الفريق الثاني الانتقام بنكثه والفريق الأول بسؤاله.
والخلاصة إن قوم موسى عليهالسلام لما سألوا أولا أن يكلّمهم الله تعالى وأجاب الله تعالى مسألتهم تكرما منه ومنّة عليهم فازداد طمعهم وجرّهم إلى أن يسألوا أكبر من ذلك وهو رؤيته تعالى فمنعهم موسى عن ذلك ونهاهم عنه ، ويدلّ عليه ما ورد في سبب نزول الآية وسياق قوله تعالى : ( إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ) [ البقرة : ٥٥ ] مع قوله تعالى : ( أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا ) [ الأعراف : ١٥٥ ].
وحينئذ فليس من المعقول أن يعذّب الله تعالى أمّة علّقت إيمانها على أمر ممكن الوقوع ولو في الآخرة وسألوا الهداية من نبيّهم عليهمالسلام بعد حصوله فلم يجبهم إليه ، بل أنزل عليهم العذاب ، أللهم إلاّ إذا كان سؤالهم متعلّقا بطلب ظلم عظيم وأمر غير ممكن في نفسه إطلاقا ، لذلك استحقّوا العذاب على مجرد طلبه كما يدلّ عليه قوله تعالى : ( فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ) [ النساء : ١٥٣ ].
رابعا : قوله : « إنه تعالى علّق الرؤية على استقرار الجبل وهو ممكن في نفسه ».
فيقال فيه : إن المعلّق عليه لم يكن الجبل في نفسه وإنّما علّق الرؤية على عدم استقرار المعلّق عليه وهو الجبل في ذلك الحال بقوله تعالى : ( فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا ) [ الأعراف : ١٤٣ ] أي جعله مستويا والأرض على أحد الأقوال ، أو أنه ساخ في الأرض حتى فنى عن الحسن ، أو أنه صار ترابا كما عن ابن عباس ، أو صار قطعا قطعا.
وأيّا كان فلم يتحقق إمكان الاستقرار في الجبل الّذي علّق الرؤية على استقراره ، فإذا كان هذا ما تراه في حال الجبل فأي استقرار يتصور فيه حتّى يزعم هذا أنّه ممكن الاستقرار ، لا سيّما بعد ملاحظة قوله تعالى : ( لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ ) وقوله تعالى : ( جَعَلَهُ دَكًّا ) فإنه يفيد تعليقه الرؤية على أمر