وحكى ذلك جماعة آخرون من أعلام أهل السنّة في تواريخهم وأثبتوه في مسانيدهم وسجلوه في صحاحهم ، وإنما أوردنا لك ذلك بطوله لتعلم أن قوله : إن تزويج فاطمة عليهاالسلام بعليّ ليس فيه ما يدل على أفضليته على الأنبياء عليهمالسلام شيء ، لم يدفعه إليه إلاّ حقده على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وبغضه للوصيّ عليهالسلام فهو يريد أن يجعل ذلك الحقد دليلا يسير عليه في كتمان فضائلهم عليهمالسلام وإخفاء مناقبهم عليهمالسلام التي لا تحجبها الجبال فكيف تستر بالغربال ، ثم أن قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( أما ترضين يا فاطمة أن الله اختار من أهل الأرض رجلين ـ إلى قوله ـ والآخر بعلك ) لأدل دليل على أفضليته من سائر الأنبياء عليهمالسلام وأنه ما تزوجها إلاّ لكونه أفضل خلق الله بعد أخيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لذا تراه أعرض عن كلّ من أبي بكر وعمر (رض) لمّا حاول كلّ منهما أن يتزوجها ، وما كان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ليمتنع من تزويجها بأحدهما إلاّ لأنهما دونها في الفضل ، فهي لا كفؤ لها إلاّ عليّ عليهالسلام أفضل الناس بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كما يرشد إليه قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الحديث : ( أكثرهم علما ، وأعظمهم حلما ، وأقدمهم سلما ) وأنهما الصفوة التي اختارها الله من أهل الأرض ، كما يومي إليه قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( إن الله اختار من أهل الأرض رجلين أحدهما أبوك والآخر بعلك ) وحاصل القول إن من امتناع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم تزويجها بأحد الرجلين مع ما ورد عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( أن المؤمن كفؤ المؤمنة ) يستشرف القارئ على القطع بأنهما لم يكونا بكفئين لها ، وإلاّ لزوجها من أحدهما قطعا.
وأما قوله : « فإن الأمور العارضة لا دخل لها في الفضل الذاتي والكمال الحقيقي ».
فيقال فيه : إن أراد أن الذات من حيث هي تكون حسنة كاملة ففساده واضح ؛ لأن الشيء من حيث هو بلحاظ ذاته لا يكون حسنا ولا قبيحا وإنما يكون كذلك بلحاظ ما يعرض على ذاته من الصفات مطلقا ، سواء أكانت حسنة أم قبيحة ، ألا ترى أنه لا يحكم على ذات الإنسان من حيث هو أنه عادل أو فاسق ، وإنما يقال فيه إنه عادل أو فاسق بعد اتصافه بهما ولحوقها لذاته ، فلا يقال ذلك