سادسا : قوله : « ففي تعيين رجل لتمام العالم في جميع الأزمنة إيجاب لتهييج الفتن ».
فيقال فيه : لقد فات على الآلوسي قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( لا يزال الدين قائما حتى قيام السّاعة ويكون عليهم إثنا عشر إماما كلّهم من قريش ) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( يكون بعدي إثنا عشر خليفة كلّهم من قريش ) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( يكون بعدي إثنا عشر أميرا كلّهم من قريش ) وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ).
وفي هذه الأحاديث المتواترة دلالة صريحة على أن الأئمة بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إثنا عشر كلّهم من قريش لا تعيين واحد لتمام العالم في جميع الأزمنة كما يزعم الآلوسي ليبني عليه قوله الفاسد ( إن فيه إيجابا لتهيّيج الفتن ) فالشيعة تقول كما يقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إنه لا يخلو زمان من إمام يجب على أهل كلّ زمان أن يعرفوه ويتبعوه ويؤمنوا به ويعينه كما تقدم ذكره من حديث الثقلين ، الّذي جاء فيه التنصيص على عدم خلوّ البيت النبويّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من رجل في كلّ زمان هو كالقرآن في وجوب التمسّك به ، وقد آمن به الشيعة وكفر به خصومهم.
ثم لو فرضنا أن الله تعالى عيّن رجلا واحدا لتمام العالم في جميع الأزمنة ، وهذا الفرض وإن كنا لا نقول به إلاّ على سبيل التساهل مع الآلوسي ، ومع ذلك فإنه لا يوجب شيئا من تهييج الفتن إطلاقا ، لأنه لو كان يوجبه لأوجبه في تعيين رجل واحد لزمان واحد ، وذلك لأن تهييج الفتن لا يحصل إلاّ من ناحية اختلاف الناس في الأهواء والطباع والميول والاتجاهات والأذواق والأفكار ، وحينئذ فلا فرق في ذلك بين أن يكون في زمان واحد أو في كلّ الأزمنة لوحدة المناط ، فكما يوجب تعيينه تهييج الفتن لأجل ذلك في كلّ الأزمان يوجبه في زمان واحد لاشتراك الجميع في العلّة الموجبة فيكون حكمه واحدا ، وهو معلوم البطلان