كان الآخر علّة موجبة للتأثير إمّا إذا كان من سنخ المقتضي فلا تكون موجبة لعدم اجتماع شروطه فلا يكون الآخر علّة موجبة للتأثير مع وجود المانع ولا يلزم من ذلك الترجيح بلا مرجح في الاقتضاء كما توهمه الخصم ، لأن المرجح لأحد المقتضيّين هو العقل بعد إدراكه جهة الترجيح في أحدهما فيمنع ذلك من الرجحان بلا مرجح ، على أنّه رجوع إلى منع إدراك العقل بدعوى الترجيح بلا مرجح وهو عين الدعوى فلا يصح أن يكون دليلا على إثبات المدّعى.
قال الآلوسي ص : (٥٢) : « وإما بطلان الثاني ـ يعني أن اقتضاء الأفعال المدح والذم لصفاتها ـ فلأنه إن كانت الصّفات لازمة للذات لزم اجتماع النقيضين مطلقا والصدور والتخلف إن كانت العلّة الموجبة لهما صفة واحدة وهو ظاهر ، وإن كانت من العرض المفارق فلأن عروضها إما لذات الفعل أو لصفة أخرى لها لا سبيل إلى الثاني لبطلان التسلسل وكذا إلى الأول لبطلان قيام العرض بالعرض أو لمجموعها فينتقل الكلام إلى عروض تلك الصّفة الأخرى فحينئذ يلزم هاهنا ما لزم ثمة ».
المؤلف : ينبغي هاهنا أن تضحك الثكلى وتجهض الحبلى ـ فيا للحكماء والمتكلمين هكذا فليكن سحر البيان والحكمة وإلاّ فلا ، والّذي يظهر من كلمات الآلوسي أنه في الأصل لم يفهم كلام ذلك الهندي فقصد تلخيص كلماته العربية في هذا الموضع ، ولكنه لم يهتد إلى فهمها بل ولم ينتبه ذلك الهندي إلى هذيانه هاهنا ، وإنّما أورده لأنه رأى شيئا مسطورا في كتب أشياخه من غير أن يفهمه أو يدري ما هو فجاء به وهو يحسب أن مثل هذا الهذيان والهراء دليل على إبطال التحسين والتقبيح العقليّين ، ونحن لا نعذله ولا نعذل ذلك الهندي على هذيانهم لأن مسألة الحسن والقبح العقليّين لا يتحملها إلاّ ذوو العقول النيّرة والأفهام المستقيمة ، ولا يدرك مغزاها إلاّ أولوا البصائر ، ولا يصل إلى غورها إلاّ أولوا الألباب ، أما الجاهلون الّذين لا يدركون حسن الشيء وقبحه فليس لهم أن يدخلوا في أمثال هذه المسائل التي زلّت فيها أقدام كثيرين من الأعلام ، وليس من حقّهم