الثالث : إنّ التسلسل هو وجود سلسلة المعلولات المتعددة في الأزمنة المتعددة قبل وجود عللها وهو محال عقلا كتوقف وجود زيد على وجود بكر وبكر على خالد إلى ما لا نهاية له في الوجود ، ولا شكّ في أن وجود فعلية الإمامة موقوف على فقد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا على وجوده ، فكيف يصح أن تنتهي السلسلة إليه بعد فقده ، والإمام لو لم يكن معصوما لوجب أن يكون له إمام آخر موجود لا مفقود ، فيخرج ما ذكره عن موضوع التسلسل أصلا وفرعا ، لأن أحد الموقوف عليه مفقود والآخر موجود ، وشرط التسلسل الترامي في الوجود إلى ما لا نهاية له وهو هنا لا وجود له إطلاقا ، ولكن خلط الرجل وخبطه بين الموضوعين وعدم تميّيزه بين النبيّ والإمام ، وعدم فهمه لمورد التسلسل ، وأنه في أي شيء يكون ومتى يكون دعاه إلى أن يقول : ( لكن التسلسل ممنوع لانتهاء السلسلة إلى النبيّ ) يروم بهذه القفزة التي كسرت ساقيه أن يمنع هذه السلسلة التي غلّ بها عنقه.
سادسا : قوله : ( سلّمنا لكنه منقوض بالمجتهد النائب عن الإمام في الغيبة ).
فيقال فيه : أنّه مردود لوجهين :
الأول : إنّ من شروط النقض وحدة الموضوع والمحمول والزمان والمكان وغيرها من الشروط المعتبرة في تحقق التناقض وهي ثمانية عند علماء المنطق ، والمجتهد هو غير الإمام مطلقا سواء في ذلك زمان حضوره أو زمان غيبته ، فكيف ينتقض هذا بذاك وبين الموضوعين صغرى وكبرى وقياسا بون شاسع ، ولكن يهون على الآلوسي أن يلقي الكلام جزافا ويهون عليه أن يمشي والقيد في رجليه.
الثاني : إنّما يجوز الاجتهاد عند تعذر العلم وانسداد بابه وعدم إمكان تحصيله ، أما مع إمكان العلم وانفتاح بابه فلا يجوز الركون إليه لأنه من الظنون التي يمنع العقل من الرجوع إليها مع العلم ، وإنما أجاز الرجوع إلى الظن مع تعذر العلم لكونه يؤدّي الوظيفة العملية في ذلك الحال ولا سبيل له سواه لا مطلقا وعلى كلّ حال.