ثالثا : قوله : « أو بخبر معصوم آخر فقد جاء الدور ».
فيقال فيه : لا دور في إخبار المعصوم بعصمة معصوم آخر ، وذلك لعدم التوقف من الجانبين في شيء ، لأن الّذي أخبر بعصمتهم هو النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فعصمتهم موقوفة على إخبار النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وعصمته صلىاللهعليهوآلهوسلم موقوفة على إخبار الله تعالى بعصمته صلىاللهعليهوآلهوسلم لا على إخبارهم عليهالسلام لكي يستلزم الدور ، هذا كله من جهة النصّ الشرعي ، أما من جهة العقل فلا دور مطلقا لأن المعصوم الّذي أخبر بعصمة معصوم آخر قد ثبتت عصمته بدليل العقل لا بإخبار المعصوم ، ولو كان خبر المعصوم بعصمة معصوم آخر يستلزم الدور ـ كما زعم ـ لكان إخبار الله تعالى بعصمة نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضا يستلزم الدور وبطلانه واضح ، نعم إنما يلزم الدور في اعتبار خلافة المستخلفين بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وذلك لأن اعتبار خلافتهم موقوف على اعتبار قول من أجمعوا عليهم ، فلو توقف اعتبار قولهم على اعتبار خلافتهم لزم الدور وعلى عكسه كذلك دور صريح.
رابعا : قوله : « أيضا إجماع الصدر الأول والثاني ـ يعني قبل حدوث الاختلاف في الأمة ـ » ، فباطل من وجهين :
الأول : إن أول إختلاف حدث في الأمة ومنه نشأت الاختلافات بينهم هو الاختلاف الّذي حدث يوم السّقيفة ( سقيفة بني ساعدة ) الّذي كثر فيه اللّغط والنّزاع ، وقام فيه على ساق يبتغون بذلك عرض الحياة الدنيا فانتزعوا الأمر من أهله اختلاسا ، وقول الآلوسي : ( وقد أجمعوا على خلافة أبي بكر ) كذب وانتحال لا أصل له إذ كيف يا ترى أجمعوا عليه ـ لو سلّمنا جدلا صحة مثل هذا الإجماع ـ وقد تخلّف عن بيعتهم عيون الصحابة وأفذاذهم وفي طليعتهم إمام الشيعة وسيّد أهل البيت عليهمالسلام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام فإنه عليهالسلام لم يبايع أحدا منهم قط ، وتخلّف عنها سعد بن عبادة فإنه لم يبايع أحدا من أبي بكر وعمر (رض) حتى قتل غيلة بحوران على ما سجّل ذلك كلّ من جاء على ذكره من أهل التاريخ والسيرة كالطبري وابن الأثير في تاريخيهما وغيرهما من مؤرخي أهل