السنّة ، كما تخلّف عنها قومه من الخزرج وجماعة من قريش ، وإنما بايعه الخليفة عمر (رض) الّذي كان السّابق إليها والمحرّك الكبير فيها ، ووافقه على ذلك جماعة من أحلاس الدنيا وطلاّب أطماعها ، فلم يكن هناك إجماع ولا بعض إجماع.
ومعلوم أنه بعد ما استتب الأمر لهم وتربعوا على ذلك الدست الّذي خصّه الله لوليّه عليهالسلام لا لهم ، أخذوا يطاردون الّذين تخلّفوا عن بيعتهم فأجبروهم على الدخول معهم حتى قتلوا الصحابي الكبير مالك بن نويرة وجماعة من قومه إزاء أطماعهم ، ولم يمتنع عنها إلاّ عليّ عليهالسلام وبنو هاشم وسعد فما استطاعوا على قهره لكثرة أقوامه من الخزرج فخافوا فتنتهم فراجع ( ص : ٣٤٢ ) من استيعاب ابن عبد البر من جزئه الثاني ، ( ص : ٩ ) من الإمامة والسياسة للمؤرخ الكبير عند أهل السنّة عبد الله بن مسلم بن قتيبة من جزئه الأول ، و ( ص : ١٨٨ ) من تاريخ الخميس من جزئه الثاني ، وآخر ( ص : ٣٧ ) من صحيح البخاري من جزئه الثالث في باب غزوة خيبر من كتاب المغازي ، لتعلم ثمة كيف ينعقد إجماع مثل هذا وقد تخلّف عنه وجوه أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته عليهمالسلام ودخل الباقون فيما دخل فيه الأولون ـ على فرض دخولهم ـ كرها وقهرا.
وإنما يصح لو صح شيء من ذلك إذا دخلوا فيما دخل فيه الأكثر على فرضه طوعا ورغبة ، على أن احتمال رجوع المتقدم قبل دخول المتأخر موجب لانحلال الإجماع لو كان ثمة إجماع ولو من بعضهم ، ثم كيف يصح هذا الإجماع وفي المجمعين أقوام مردوا النفاق وانقلبوا على الأعقاب ، وفيهم بطانة الشرّ كما اقتص بذلك خبرهم القرآن وأخبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بوجودهم بأفصح بيان ، فأي أثر يا ترى لهذا الإجماع الملفق من هؤلاء في إثبات خلافتهم (رض) أجل وأي دليل دلّهم على اعتبار قول عمر (رض) ومن وافقه عليه إذ ليس في كتاب الله آية ولا في السنّة رواية تدل على اعتبار أقوالهم في شيء.
ولو فرضنا جدلا أن الخلافة فرع من الفروع وليست بأصل من أصول الإسلام ـ كما يزعمون ـ فلا يجوز للأمة أو لآحادها أن تشرّع أحكاما وفروعا من عند أنفسهم ، فهل يا ترى أنهم شركاء الله في تشريع أحكامه من حلاله وحرامه