خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً ) [ الأحزاب : ٣٨ ] فإن معنى الآية : إما أنه ليس على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من ضيق فيما أحلّ له من التزويج بامرأة ابن المتبنى لأن حكمه غير حكم الولد الصلبي في تحريم زوجته على أبيه ، أو أنه تعالى فرض وأوجب على نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يتزوج بزينب بعد طلاق زيد بن حارثة لها كما يدلّ عليه ما قبل الآية ليبطل به حكم الجاهلية في الأدعياء وأنه لا يجري المتبنى ـ بالفتح ـ في تحريم إمرأته إذا طلّقها على الأب ، ويعني قوله تعالى : بـ ( سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ) [ الأحزاب : ٣٨ ] إما سنّته تعالى في الأنبياء الماضين وشريعته فيهم في رفع الحرج عنهم وعن أممهم بما أباح لهم من ملاذّهم ، أو أنه تعالى أباح لهم كثرة الأزواج كما صنعه داود وسليمان عليهالسلام فكان لداود عليهالسلام مائة زوجة ، ولسليمان ثلاثمائة زوجة وسبعمائة سرية ، أو أنه تعالى يريد بسنّته أن النكاح من سنّة الأنبياء عليهمالسلام كما جاء التنصيص عليه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : ( النكاح من سنّتي ، فمن رغب عنه فقد رغب عن سنّتي ) ويعني تعالى بقوله : ( وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً ) إما أن ما كان ينزّله تعالى على أنبيائه عليهالسلام من الأمر الّذي يريده قضاء مقضيا ، أو يعني أن أمره تعالى يجري على مقدار لا تفاوت فيه من ناحية الحكمة ، أو يعني أن القدر المقدور هو ما كان على مقدار ما تقدم بلا زيادة ولا نقصان.
وإنما تلوناه عليك بطوله لتعلم أن الآية الكريمة لا تريد ما يبتغيه الآلوسي ولا تدلّ عليه بإحدى الدلالات المنطقية ، وشيء آخر يلزم الآلوسي أن يقول به ، وهو أن قوله تعالى : ( مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها ) لا معنى له وليس له في الوجود صورة ، وذلك لأن كلاّ من القاتل والمقتول معذور بعد أن كانا مشمولين لقوله تعالى : ( وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً ) ولا مخرج لهما عن منطوقها ، يدلك على ذلك تعليله هذا بقوله : ( فوقع ما وقع إن شاء وإن أبى أبو الحسنين ، فكلّ من الفريقين معذور ، وكان أمر الله قدرا مقدورا ) فهو يفيد خروج القتل والقتال عن مشيئة كلّ من القاتل والمقتول بمقتضى تعليله العليل الموجب بطلان الدين في وعده ووعيده ، بل يوجب بطلان التكليف وبطلان بعثة