وأما الآيات النازلة في تعليق أفعالنا على اختيارنا وإناطة أعمالنا بمشيئتنا وإرادتنا فكثيرة ، فمن ذلك قوله تعالى : ( فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ ) [ الكهف : ٢٩ ] وقوله تعالى : ( اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) [ فصلت : ٤٠ ] وقوله تعالى : ( وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ) [ التوبة : ١٠٥ ] وغيرها من الآيات الدالّة على أن أفعالنا وأعمالنا منوطة بإرادتنا ، وأننا مختارون فيها فإن شئنا فعلنا وإن شئنا تركنا كما نصّت عليه الآيتان ، وهذا لا يتفق مع ما يزعمه الخصوم من أنها مخلوقة لله والفاعل لها هو الله دوننا ، لأن ما يفعله تعالى ويخلفه منوط بمشيئته ، والآيتان صريحتان في إناطة أفعالنا وأعمالنا بمشيئتنا ، والفرق بينهما واضح يعرفه من يفهم.
وأما الآيات النازلة في أمر العباد بالمسارعة إلى فعل الطاعات فكثيرة أيضا ، فمن ذلك قوله تعالى : ( وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ) [ آل عمران : ١٣٣ ] وقوله تعالى : ( يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ وَآمِنُوا بِهِ ) [ الأحقاف : ٣١ ] وقوله تعالى :
( اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ ) [ الأنفال : ٢٤ ] وقوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ ) [ الحج : ٧٧ ] وقوله تعالى : ( وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ) [ الزمر : ٥٥ ].
إلى غير ما هنالك من الآيات التي تحثنا على المسارعة إلى فعل الطاعات ، وهي لا تجتمع مع زعم الآلوسي أن أفعالنا مخلوقة لله وأن الفاعل لها هو الله ، فلو صح ما زعمه خصومنا من استناد أفعالنا إليه تعالى عنها لا إلينا لكانت هذه الآيات كلّها باطلة وليس لها في الوجود صورة وبطلانها من أوضح الكفور.
وأما الآيتان اللّتان أوردهما الآلوسي وخال أنهما دليلان على أن الخالق لأفعالنا هو الله دوننا ، فلا تدلان إلاّ على عكس ما يريد ، أما قوله تعالى :