لم يعلم أنه صادر منه ، فالالتزام بالحكم المقتنص بالقياس على أنه من الله تعالى مع عدم العلم بأنه منه افتراء من العبد على مولاه وهو قبيح وتشريع محرم لا يجوز ، قال تعالى : ( وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ ) [ النحل : ١١٦ ].
ثانيا : قوله : « لأن التمسك به ».
فيقال فيه : إن اعتبار حكم العقل عند الشيعة لا يعني كونه حاكما بحليّة الأشياء وحرمتها بالأصالة مطلقا ، وبعبارة أوضح ليس معناه أنه يجوز له تشريع الحلال والحرام إطلاقا كما ذهب إليه ظن الآلوسي وقد خاب ظنه وطاش سهمه وكثر جهله وذهب لبّه ، وإلاّ لزم أن يكون العقل شريكا مع الله تعالى في تشريع حلاله وحرامه وسائر أحكامه وهذا ما لا يقول به من كان من الإسلام على شيء ، نعم ذهب إلى هذا المذهب خصوم الشيعة الّذين يقولون في الدين بالرأي والهوى والقياس والاستحسان ، ويرون أنهم شركاء الله في شرعياته تعالى.
أما الشيعة فيقولون : إنّ العقل في غير ما يستقل به كقبح الظلم وحسن العدل وقبح الخيانة وحسن الأمانة وقبح الكذب مع عدم الضرورة ، وحسن الصدق ونحو ذلك متى ما قطع بموضوع أحد الأحكام الشرعية فإنه يوجب العمل به والنزول على حكمه ، كما إذا رتب الشّارع الحرمة على الخمر وقطع المكلف بخمرية شيء كان واجبا عليه ترتيب ما يلزمها من الآثار الشرعية كحرمة شربها ووجوب الاجتناب عنها وغير ذلك من لوازمها ، ولا يتوقف شيء منه على الدليل الشرعي كما سيأتي توضيحه في الوجه الثالث.
ثالثا ، قوله : ( وأما في غير الشرعيات ).
فيقال فيه : إنّ الثابت عند الشيعة أن الأدلة العقلية على قسمين ، القسم الأول : ما يتوقف على الخطاب الشرعي فيكون حكمه فيه تابعا للأحكام الشرعية