دينه الحقّ جميع الخلق؟ فهل يا ترى توقف ذلك على أن يرحل بنفسه الزكية صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى جميع الأقطار المسكونة ليدعوهم إلى اعتناق دينه والعمل على تطبيقه؟ أو يا هل ترى لم يكتف بنصب النائب وإرسال الداعي عنه مع علمه بعدم عصمة النائب والداعي ، أو يا هل ترى كان مقصّرا في تبليغ دعوته صلىاللهعليهوآلهوسلم مع عصمته صلىاللهعليهوآلهوسلم مطلقا عند المسلمين أجمعين ، فإن قال بكفاية الواحد المعصوم وكفاية من ينصّبه عنه من النواب مع علمه بعدم عصمتهم بطل قوله بعدم كفاية الواحد المعصوم ، وبطل قوله بعدم كفاية النائب عنه مع علمه بعدم عصمته ، وإن قال بأن الله تعالى ما كان يعلم بكفاية الواحد المعصوم وما كان يعلم بكفاية نائبة غير المعصوم فقد جعل نفسه أعلم من الله ، وهو كفر صراح يكفينا مؤنة الردّ عليه.
ومن ذلك تفقه أنّ الرجل يدسّ في الدين الإسلامي من عقائد الوثنية وعبادة البقر ما تأباه الفطرة السليمة وينبذه التوحيد الخالص.
قال الآلوسي ص : (٨٥) : ( الإمام لا يلزم أن يكون منصوصا عليه من البارئ ، وقالت الإمامية لا بد أن يكون منصوصا من قبله تعالى ، وهذا مخالف للعقل والنقل ، أما الأول : فقد مرّ ، وأما الثاني : فلقوله تعالى : ( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً ) [ الأنبياء : ٧٣ ] ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ) [ القصص : ٥ ] ولم يكن في أحد من تلك الفرق نصّ ، بل كان برأي أهل الحلّ والعقد ).
المؤلف : لقد ألمعنا فيما تقدم منا إلى أن شرط الإمامة العصمة ، وأنها من الأمور الخفية التي لا يطّلع عليها إلاّ الله تعالى وحده ، لذا وجب أن يكون النصب من قبله ، وليس هو من وظيفة الأمة وليس لها ولا لآحادها أن تشرّع أحكاما وتضع قوانين ، ومن سمّاهم الآلوسي أهل الحلّ والعقد فقد أبطل القرآن حلّهم وعقدهم بقوله تعالى : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ) فليس لهم الخيرة في حلّ شيء أو عقده مطلقا أبدا بل ذلك لله تعالى وحده.