على : ( وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ ) [ الواقعة : ١٩ ] وقد وقع هذا الجر في كلام العرب العرباء فلا يلتفت إلى إنكار الزجاج وقوع جرّ الجوار في المعطوف ».
المؤلف : يريد الآلوسي وغيره من المموهين لوجه الحقائق أن يصرفوا آية الوضوء (١) عن وجهها ، ويحملوها على معنى لا صلة بينها وبينه ، لأجل هذه التمحلات الباردة والتمويهات العاطلة التي لا يأتي احتمالها في شيء من كلام أهل العربية فضلا عن مثل الكتاب المنزل ـ لبيان تفهيم الأحكام ـ معجزة لنبوّة سيّد الأنام صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وسأوضح لك أيها القارئ ما في هذا الكلام من الخلط والتزوير وعدم الانتظام في طي أمور :
الأمر الأول : ( قوله ) : « ومن مكايدهم يقولون إن أهل السنّة يخالفون القرآن ».
فيقال فيه : إن كان ثمة من يقول بوجوب المسح على الأرجل ومخالفة خصوم الشيعة له فهو الله تعالى في محكم كتابه العزيز ، حيث يقول لعباده المؤمنين : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ) [ المائدة : ٦ ] ويفهم من هذا كلّ عربي حتى الغبي منهم أنه تعالى يريد منهم أن يغسلوا وجوههم وأيديهم ، ولا يريد غيره ولو أراد غيره لبيّنه لهم ، ولما لم يرد منهم الغسل فصّل بين قوليه ، فقال : ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) فعلمنا من هذه الآية أنه يريد أن نمسح الرءوس والأرجل ، ولو أراد منّا غسلهما أو غسل أحدهما لعبّر به كما عبّر بالغسل في الآية الأولى حينما أراده ، فكما لا يفهم أحد من الآية الأولى إلاّ غسل الوجوه والأيدي فكذلك لا يفهم من الآية الثانية إلاّ مسح الرءوس والأرجل ، ولا يجوز على الله تعالى أن يقول وامسحوا وهو يريد واغسلوا كما يزعم الآلوسي ، واللّفظ بظاهره لا يدلّ عليه ولا يفيده.
__________________
(١) وهي قوله تعالى في سورة المائدة ، آية ٦ : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ).