فتنتفي الفائدة من نصبه ، لأن غير المعصوم قد يخطئ وقد يجور فتقع منه المفاسد ، فمن يا ترى يزيل مفاسده إن لم يكن ثمة إمام معصوم.
رابعا : قوله : ( بل الاجتهاد والعدالة ).
فيقال فيه : كان على الآلوسي أن يفكر في مقاله قبل إيراده ليرى أن الاجتهاد لا يغني صاحبه من حفظ نفسه عن الخطأ ، فكيف يمكنه أن يغني من حفظ الشريعة عن الضياع ، فإن المجتهد قد يخطئ فيؤدي خطؤه إلى تفرّقها وتلاشيها لا حفظها ورعايتها.
أما العدالة التي هي دون مرتبة العصمة فلا تجدي نفعا ، لأن العادل قد يجور خطأ فيصرف أموال بيت الإسلام في أغراض نفسه ، ويقيم الحدود في غير محلّها ، ويتركها في موضعها بالاجتهاد كما فعل ذلك عثمان بن عفان (رض) الّذي يقول الخصم باجتهاده ، فالعصمة لا بدّ منها في الإمام ولا محيص عن القول بها فيه.
خامسا : قوله : ( سلّمنا لكن التسلسل ممنوع لانتهاء السلسلة إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ).
فيقال فيه : أنه فاسد من وجوه :
الأول : إن انتهاء السلسلة إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم باطل ، لأن الآلوسي يزعم عدم عصمة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنه يجوّز عليه الزلاّت والخطأ والنسيان كما تقدم نقله عن صحيح البخاري ، واعتراف الخصم بثبوت الزلاّت له صلىاللهعليهوآلهوسلم.
الثاني : كان بحثنا في أن الحاجة لنصب الإمام هو جواز الخطأ من الأمة فلو جاز الخطأ من الإمام لاحتاج إلى إمام آخر فيلزم التسلسل ، فلا بد من انتهائه إلى إمام لا يجوز عليه الخطأ وهو الإمام في الأصل ، وما كان بحثنا في النبوّة التي هي غير الإمامة حتّى يزعم الآلوسي بانتهاء السلسلة إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وكم من فرق بين الموضوعين ، موضوع النبيّ وموضوع الإمام الّذي يدركه من يفهم.