تراه هنا يقول وحقا ما يقول : ( إن من تمسّك بأهل البيت في أعماله واعتقاده بل في كلّ أمر يكون من أهل الهدى ، ومن خالفهم في ذلك يكون من أهل الغواية والردى ) وهناك تراه قد تمسك باطلا بالسلطان عبد الحميد ودعاه ( خليفة الله في أرضه ونائب رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمير المؤمنين الواجب إطاعته على الخلق أجمعين ) وهو ليس من عترة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أهل بيته عليهمالسلام ولا من قريش أصلا.
وحسبك هذا دليلا على انحرافه عن أهل البيت النبويّ عليهالسلام وتمسّكه بغيرهم عليهمالسلام من أهل الضلال ، فوقع في مهاوي الردى الّذي جعله هو لغير المتمسّك بهم أيا كانوا ، فهو قد حكم ـ والحمد لله ـ على غواية نفسه بنفسه ، وعبّر عن سوء أصله بدلالة قوله ويكفينا هذا وحده مؤنة الردّ عليه.
فإن قالوا : إنّ المراد من إمام الزمان في الحديث القرآن.
فيقال لهم : إنّ ذلك باطل وغير صحيح من وجوه أما :
أولا : فلأن أحدهما لا يفيد معنى الآخر عند إطلاقه ، فهما غير مترادفين فلا يكونان واحدا مفهوما ، وبعبارة أوضح إنّ لفظ الإمام إذا أطلق فلا يفهم منه القرآن وكذا القرآن إذا أطلق فلا يفهم من لفظه معنى الإمام ، وإرادة ذلك سلب لمعناه المطابقي وتحميله معنى لا صلة بينه وبينها ، وليس في الحديث قرينة مطلقا تدلّ على إرادة خلاف الظاهر الموضوع لكلّ واحد منهما من المعنى في اللّغة ، فهل يا ترى في النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عيّا من أن يأتي بلفظ القرآن بدلا من لفظ الإمام لو كان يريد القرآن؟ أو تراه ملغزا مغريا لأمته بالجهل فيطلق لفظا ويريد غير معناه المطابقي بلا قرينة ترشدهم إلى إرادة خلافه ، ولو أراده لعبّر به لا بغيره ، فذلك كلّه غير ممكن ولا معقول صدوره من أقلّ النّاس فكيف بأفصح العرب نطقا وأبلغهم لسانا.
الثاني : لو كان يريد بالإمام القرآن لكان تقييده بالزمان ـ أي زمان المكلف ـ لغوا عبثا باطلا ـ وذلك لوجود القرآن على مرّ الدهور والأيام منذ نزوله على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا يختص بزمان دون زمان.