الأمر السّابع : قوله : « ولا يلتفت إلى إنكار الزجّاج وقوع جرّ الجوار في المعطوف ».
فيقال فيه : إذا كان لا يلتفت إلى إنكار الزجاج وغيره من علماء اللّغة فأي عاقل يا ترى يلتفت إلى مزاعم الجاهلين كالآلوسي وأخيه الهندي ، ويترك قول هؤلاء العلماء من أهل اللّغة ، ثم لم يكن هذا من قول الزجّاج وحده بل هو قول كثيرين غيره من اللّغويين ، فإنهم صرّحوا بامتناع وقوع ذلك في كلام أحد الفصحاء فكيف بكلام الله تعالى ، فعدم وقوعه فيه أولى ، هذا كلّه فيما إذا كانت الآية داخلة في مورد جرّ الجوار ، أما إذا لم تكن من موارده ـ كما هو الصحيح ـ فلا يكون شاملا لها مطلقا ، فلما ذا إذن كلّ هذا الطنين السّمج والأنين المزعج من الآلوسي حول الآية ، وجلب جرّ الجوار في النعت والعطف عليها وهي واضحة لا غموض فيها ولا التباس ، ويفهم منها كلّ عربي له فهم مستقيم وذوق سليم أنها تريد غسل الوجوه والأيدي ومسح الرءوس والأرجل ، ومن أي يا ترى يفهم العربي من الفقرة المشتملة على الأمر بمسح الرءوس والأرجل أنها تريد مسح الرءوس وغسل الأرجل ، فقل عربيا وأنطق عربيا ولا تقل ما لا تفهمه العرب ، فإن العرب يقولون بامتناع وقوع شيء من ذلك في كلام الفصحاء ، فكيف يجوز وقوعه في كلام الله الّذي لا أفصح منه أبدا مطلقا.
قال الآلوسي في ص : (٢٠) : « وقد ذكر الشيعة في الجمع بين القراءتين وجهين ، الأول : أن تعطف قراءة النصب على محلّ رءوسكم لا على المنصوب السّابق لاستلزامه الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بجملة أجنبية ، فحينئذ حكم الأرجل حكم الرءوس.
الثاني : أن الواو فيه بمعنى مع كقولهم استوى الماء والخشبة.
وفي كلا الوجهين نظر من وجوه ، أما الأول : فلان العطف على المحلّ خلاف الظاهر بإجماع الفريقين ، وقد استدلّوا على خلاف الظاهر بقراءة الجرّ فقد سبق وجه رجوعها إلى قراءة النصب ، على أنها لا تدل على مدّعاهم لاحتمال جرّ