الجوار ، وأما ثانيا : فلأن استلزام الفصل بجملة أجنبية إنما يخل إذا لم يكن جملة وامسحوا برءوسكم لها تعلّق بما قبلها ، وأما إذا قلنا إن المعنى وامسحوا بعد الغسل برءوسكم فلا فصل كما هو مذهب أكثر أهل السنّة ، وأما ثالثا : فلأنه لو عطف وأرجلكم على محلّ رءوسكم جاز لنا أن نفهم منه معنى الغسل ، لأن من القواعد المقررة في العربية أنه إذا اجتمع فعلان متقاربان بحسب المعنى جاز حذف أحدهما وعطف متعلق المذكور ، ومن ذلك قول لبيد بن ربيعة العادي :
فعلى فروع الأيهفان وأطفلت |
|
بالجبلتين ظباؤها ونعامها |
أي باضت نعامها فإن النعام لا تلد بل تبيض ، إلى أن قال : ومنه قول الأعرابي : علفتها تبنا وماء باردا أي سقيتها ، وأما رابعا : فلأن حمل الواو على معنى مع بدون قرينة لا يجوز ، ولا قرينة هاهنا بل القرينة على خلافه لما تبيّن من وجوه التطبيق هذا ، ولمّا حصل الجمع بين الفريقين ولزم الترجيح رجع المحققون إلى سنّة خير الورى إذ هي المبيّنة لمعاني القرآن المجيد ، إلى أن قال : وقد كان ( عليه الصّلاة والسّلام ) ويتوضأ في اليوم واللّيلة خمس مرات على رءوس الأشهاد لأجل التعليم ، ولم يرو واحد ولو بطريق الآحاد أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم مسح الرجلين ، إلى أن قال : وقد روى الجميع غسلهما بروايات متواترة ، وقد اعترف بذلك الشيعة إلاّ أنهم يقولون قد روى لنا المسح عن الأئمة ، وما روى أهل السنّة عن أولئك الأئمة فهو محمول على التقية ، هذا مع أن روايات غسل الرجلين عن الأئمة ثابت في كتب الإمامية الصحيحة المعتبرة ، إلى أن قال : ولنذكر ما ورد في كتبهم من روايات غسل الرجلين التي لم يتصدّ أحد منهم للطعن فيها.
فقد روى العياشي ، عن عليّ بن حمزة ، قال : سألت أبا هريرة عن القدمين ، فقال : تغسلان غسلا.
وروى محمّد بن النعمان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : إذا نسيت رأسك حتى تغسل رجليك فامسح رأسك ثم اغسل رجليك ، وهذا الحديث أيضا رواه الكافي ، وأبو جعفر الطوسي ، بأسانيد صحيحة ، ولا يمكن حملها على التقية لأن المخاطب شيعي خاص.