بدليل قوله تعالى : ( شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً ) [ الأنعام : ١١٢ ] وقوله تعالى : ( وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ ) [ البقرة : ١٤ ] والشيطان في أصل معناه اللّغوي مأخوذ من شطن ، وهو كلّ عات متمرد ظالم مجتاز لحدود الله من الإنس والجنّ معا.
قال الآلوسي ص : (٦٤) : « ويعتقدون أيضا أن الأعواض واجبة عليه تعالى ، وعقيدتهم هذه بعد دراية ما بين العبد وربّه من علاقة المالكية والمملوكية باطلة ، إذ العوض يجب فيما إذا تصرّف في ملك المالك ولا ملك في العالم لغيره تعالى ، ونعيم الجنّة تفضّل منه ... إلى نهاية أقواله ».
المؤلف : الّذي يعتقد الشيعة في الله تعالى أنّه لم يفعل شيئا عبثا ، وإنما يفعله لغرض وحكمة ، وهذا هو الّذي يعترف العقلاء به من أهل الملل والنحل جميعا ولا يختلف فيه اثنان منهم ، وليس هناك أحد من الشيعة يقول بوجوب العوض على الله كما يزعم الخصم ، وإنّما يقولون إنّ ما ينتاب الإنسان في هذه الحياة من الآلام مع قدرته تعالى على دفعها وعدم حاجته إليها لأنه الغنيّ المطلق لا يجري عليه ما يجري على المخلوقين ، فلا يخلو من وجهين :
الأول : أن يكون على وجه الانتقام والعقوبة المستحقّة لقوله تعالى : ( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ ) [ البقرة : ٦٥ ].
الثاني : أن يكون على وجه الابتلاء ، وهو لا يحسن فعله من الله تعالى ولا التخلية بينه وبينها إلاّ بشرطين على أساس أن جميع فعله حكم وصواب منزه عن التشهي والعبث والمحاباة والمجون ، الشرط الأول : أن يكون مشتملا على المصلحة إما للمتألم أو لغيره ، وهو نوع من العطف والمنّة لأنه لو خلا عن ذلك كان مجونا عبثا والله تعالى لا يكون عابثا لاعبا إطلاقا ، الثاني : أن يكون في مقابله عوض للمتألم يزيد على الألم بحيث لو عرض على المتألم الألم والعوض لاختار