وقال تعالى : ( يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ) فالأمر كلّه لله سواء في ذلك نصب الإمام أو غيره من الأمور بدلالة لفظة : ( كلّ ) الدالّة على الاستيعاب ، فبيده تعالى حلّ الأمور وعقدها لا بيد غيره ، وقال تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ ) [ الحجرات : ١٠ ] فمن سمّاهم الآلوسي أهل الحلّ والعقد إن كانوا مؤمنين فقد حرّم الله عليهم أن يحلّوا أو يعقدوا لأن ذلك تقديم منهم بين يدي الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد نهاهم عنه أشدّ النهي وأبلغه ، فليس لهم أن ينصّبوا أحدا مطلقا لحرمته عليهم ، وقال تعالى : ( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) فنصب الإمام مما قضى الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم به ، فليس لهم في نصبه حظ ونصيب إطلاقا ، فما أوجب الله هو الواجب وما حرّمه هو الحرام ، ومن نصّبه فهو المنصوب ومن عزله فهو المعزول ، دون ما أوجبه بعض النّاس أو كلّ النّاس على أنفسهم أو أنفس غيرهم ، فإنه ليس بجائز الطاعة فضلا عن وجوبها ، فإيجاب خصوم الشيعة بيعة السّقيفة على النّاس فمع أنه مما أوجبه ( الخليفة ) عمر (رض) دون غيره من أفراد الأمة ليس هو مما أوجبه الله تعالى عليهم بل منعه وحرّمه ورتّب العقاب على من ارتكبه في الدين كما أشار إليه قول مبدعها والمحرّك الكبير فيها عمر (رض) نفسه : ( إن بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه ) فهو يعني بقوله فلته أنها زلّة وبدعة عظيمة وضلالة كبيرة يستحق فاعلها القتل لذا تراه قال (رض) : ( فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه ).
وأما الآيتان اللّتان ذكرهما الآلوسي فهما من الأدلة الصريحة والحجج القوية لنا عليه لا له.
أما الأولى : فصريحة في أن جعل الأئمة من قبله تعالى لقوله تعالى : ( وَجَعَلْناهُمْ ) [ الأنبياء : ٧٣ ] فأضاف الجعل إلى نفسه لا إلى الأمة ، ولأنه لم يقل وأوكلنا أمر جعلهم إلى الناس حتّى يفهم منه أنه تعالى خولهم صلاحية جعلهم حتى يزعم الخصم خلافا لله وإنكارا عليه وجحودا لنصوص آياته أن الجاعلين لهم