مؤثر واحد واجتماع النقيضين أو لأحدهما مطلقا لزم تخلّف المعلول عن العلّة الموجبة في الأخرى ، وبالإطلاق تخلفهما جميعا وترجيح بلا مرجح في الاقتضاء واللّوازم كلّها باطلة ».
المؤلف : أولا : قوله : « فلأن فعلا واحدا ».
فيقال فيه : ويرد عليه بالنقض بأن نقول : إنّ الشيء الواحد قد يتصف بالحسن والقبح باعتبارين كجهل الإنسان بالفقه وعلمه بالنحو ، وقد اعترف الآلوسي بأنّ الحسن والقبح بمعنى النقص والكمال ، وملائمة الطبع وعدمه كالعدل والظلم مما يحكم العقل بهما ، وإذا كان كذلك فإن كانت الذات في المثال مقتضية لهما معا لزم صدور الأثرين المتضادين عن مؤثر واحد واجتماع النقيضين ، بل جميع ما ذكره من المحاذير العقلية التي زعم أن ذلك من موردها ، وكلّ ذلك باطل وما ذهب إليه أيضا باطل ، فإيراده بهذا الوجه ونحوه من الوجوه على القول بالتحسين والتقبيح العقليّين بمعنى استحقاق الذّم والمدح لو صح ورودها فليست واردة على الشيعة وحدها بل هي أيضا واردة عليه لأنه هو الآخر ممن يقول به بالمعنى المتقدم في مثاله ، فيكون قول الآلوسي موردا لإيراده بهذا الوجه وغيره ، وحينئذ فهو إمّا أن يقول بصحة هذا الإيراد بهذا الوجه ونحوه من الوجوه المذكورة ، وإما أن يقول بصحة حكم العقل بالحسن والقبح بمعنى النقصان والكمال والعدل والظلم ، فإن قال بالأول ـ وهو قوله أيضا ـ بطل قوله الثاني ، وأن قال بالثاني ـ وهو قوله أيضا ـ بطل قوله الأول ، وعلى هذا فاسحب سائر الوجوه الفاسدة التي جاء بها وظنها براهين متينة على فساد قول خصومه بلا تثبت ولا روية ، ولو كان الآلوسي ممن ينتبه إلى تناقضه وتناقض الآخرين من سلفه في بحثه ، وتفطن إلى أن آراءهم وأقوالهم تذبح بعضها بعضا وتنقض بعضها البعض من غير أن يحتاج الناقد البصير إلى التدليل بالأدلة على فسادها لسبق لسانه إلى إختيار ما ذكرنا ولعجّل بالرجوع إلى مذهبنا.
ثانيا : قوله : « فلو كان هذا الاتصاف لذات الفعل ».