فهي ترشد المؤمنين إلى ولي أمركم هو الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم والمؤمنون الموصوفون بإيتاء الزكاة حال الركوع ، وأنتم أيها الناس كلّكم تحت ولاية أمرهم ، ولا يجوز لكم الإختيار في اتخاذ المودّة بينكم وبين الكافرين بهم سواء في ذلك أهل الكتاب أو غيرهم ، وعليكم بالطاعة لمواليكم وامتثال أمرهم والانتهاء بنهيهم ، فالآية فيها من التأكيد للنهي في السّابق واللاّحق من الآيات ما لا يخفى على أولي الألباب ، كما أن وجود القرينة القطعية في هذه الآية على إرادة الأولى بالتصرف لا سيما وقد انضم إلى ذلك ما لا يمكن الترديد في إرادة الأولى والأحق بالتصرف وهو ولاية الله تعالى لأوضح دليل على إرادة الولاية العامة في كلّ شيء ، وقد عرفت أن ولاية الله تعالى عامة فكذلك الحال في ولاية النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والوليّ عليهالسلام والتفكيك مخالف للحصر ومخالف للسياق ولنصّ الآية وموجب لبطلانها.
ولو سلّمنا جدلا أنها تريد بالولي المحبّ ومع ذلك فهو يستلزم الإمامة لقوله تعالى : ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) [ آل عمران : ٣١ ] وتعني هذه الفقرات الكريمة بمقتضى ( إن ) الشرطية عدم تحقق المحبّة بدون الطاعة ، فعليّ عليهالسلام واجب المحبّة مطلقا ، وكلّ واجب المحبّة مطلقا واجب الطاعة مطلقا ، وكلّ واجب الطاعة مطلقا صاحب الإمامة فعليّ عليهالسلام صاحب الإمامة.
ودليل الصغرى آية الولاية وآية المحبّة دليل الكبرى في القياس ، ولو تفطّن الآلوسي إلى هذه النتيجة لاختار للآية معنى آخر لا تمت إليها بصلة لئلاّ تدلّ على خلافة عليّ عليهالسلام بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلاّ أنه وجد من كان قبله يقول إن الولي في الآية بمعنى المحبّ ، فقال بمقالته تقليدا وبدون أن يشعر بهذه النتيجة الحاصلة مما عيّنه من إرادة المحبّ من الوليّ فيها ، وهو ما تقدّم ذكره من ثبوت إمامة عليّ عليهالسلام بنصّ ما عيّنه من معناها فتأمل.
الرابع عشر : قوله : ( وثالثا : إن العبرة بعموم اللّفظ فمفاد الآية حصر الولاية لرجال معدودين ).