الآيات بأم عينه نسبت ذلك كلّه إلى العباد ونفته أشدّ النّفي عن الله تعالى إن امرؤ يعتام غير ما أنزل الله في القرآن لهو في ضلال مبين.
وهناك آيات أخرى تدل على ذمّ النّاس على كفرهم ، فمن ذلك قوله تعالى : ( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ ) [ البقرة : ٢٨ ] وقوله تعالى : ( وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ ) [ إبراهيم : ٧ ].
ولا شك في أن تهديده تعالى لنا بالعذاب الشّديد على الكفر مع عجزنا عنه لأنه تعالى هو خالقه وفاعله دوننا ـ كما يزعم الخصوم ـ محال عند العقول ، فالآلوسي يقول : إن الله تعالى خلق الكفر وأراده منّا وإن كنّا غير قادرين على غيره ومع ذلك يعذبنا عليه بأشدّ العذاب ولا يكون ذلك من الظلم في شيء ، وليته دلّنا على معنى الظلم الّذي نفاه الله عن نفسه ونسبه إلى خلقه في كثير من آياته لنرى هل هو كما نزل به القرآن أو يأخذ في معناه طريقا لا تعرفه لغة القرآن ، وإذا كان للظلم معنى آخر غير ما وضع بإزاء لفظه في اللّغة فلما ذا أهمل الآلوسي بيانه ولم يأت على ذكره في مقاله لنعرف ما هو؟ وهيهات أن يكون له معنى غير ما نفاه الله تعالى عن نفسه المقدسة وأثبته للآلوسي وغيره.
ثم إن الآية الثانية أثبتت العذاب الشّديد على الكفر ، فلو كان هو الخالق والفاعل له تعالى عن ذلك ـ كما يزعم ـ كان العذاب الشّديد عائدا عليه لا على الكافر به وهو واضح في فساده ، أللهم إلاّ إذا كان يصح عند الآلوسي أن يقول بما قاله الشاعر العربي :
ألقاه في اليمّ مكتوفا وقال له |
|
إيّاك إيّاك أن تبتلّ بالماء |
وهناك الكثير من آيات الكتاب نزلت في توبيخ العباد والإنكار عليهم وتهديدهم بالعقاب على ارتكاب القبائح وأسندت ذلك كلّه إليهم لا إليه تعالى عنه يضيق المقام عن تعداده.