قال الآلوسي ص : (٥٨) : « الثاني : إنّ الله حيّ بالحياة ، وعالم بالعلم ، وقادر بالقدرة ، وعلى هذا القياس صفاته ثابتة له كما يطلق الأسماء على الذات ، وقالت الإمامية ليست لله صفات ولكن يطلق على ذاته الأسماء المشتقة من تلك الصّفات ، وأنت خبير بأن عقيدتهم هذه مع كونها خلاف المعقول ، لأن إطلاق المشتق على ذات لا يصح بدون قيام مبدأ بها ، إذ الضارب إنّما يطلق على ذات قام الضرب بها وبدون قيامه لا يحمل ولا يطلق ـ مخالفة للثقلين ، أما الكتاب فأورد منه آيات على عادته مما لا صلة له بمحلّ النزاع ، كقوله تعالى : ( وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ ) [ البقرة : ٢٦٤ ] وقوله تعالى : ( أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ ) [ النساء : ١٦٦ ] وقوله تعالى : ( وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً ) [ الأعراف : ١٥٦ ] وأما العترة فلما ذكر في نهج البلاغة من خطب الأمير عليهالسلام في أكثر المواضع من هذه الصفات ».
المؤلف : ويرد عليه :
أولا : أما قوله : « إنّه تعالى حيّ بحياة وقادر بالقدرة إلى نهاية قوله » فمدخول من جهات :
الأولى : إنّه لو فرضنا أن الله تعالى حيّ بحياة وقادر بقدرة لزم احتياجه تعالى إلى معاني تلك الصّفات القائمة بذاته ، ولا شك في أنّ الحاجة من صفات الحادث الفاني دون القديم الباقي ، وحينئذ فلا يكون قديما غنيا مطلقا وبطلانه واضح.
الثانية : إنّه إن أراد بذلك أنه تعالى يكتسب هذه الصّفات من غيره ، على معنى أنّه حيّ بحياة غيره ، وقادر بقدرة غيره ، وعالم بعلم غيره إلى آخر صفاته التي هي عند المسلمين عين ذاته وتمام حقيقته نقلنا الكلام إلى ذلك الغير ، فإن كانت صفاته أيضا مكتسبة من غيره فإن عاد إلى سابقه لزم الدور ، وإن أحيل إلى لاحقه لزم التسلسل وهما باطلان وما يتوقف عليهما مثلهما باطل ، على أنه يستلزم أن يكون فاعلا قابلا ومحلا لآثاره والتوالي كلّها باطلة ، فلا بد وأن ينتهي ذلك إلى ذات علم كلّه وقدرة كلّه وحياة كلّه بل هو كلّ العلم والحياة والقدرة بلا تعدد ولا اثنينية.