إليه ، لثار وفار وباء بغضب منه ، فكيف يجوز أن ينسب إلى ربّه ما لا يرضى به أقلّ النّاس قدرا ولا يبوء بغضب من الله وعقابه.
قال الآلوسي ص : (٦٤) : « جميع ما يصدر من الإنسان أو الجنّة أو الشياطين أو غيرهم من المخلوقين ، من خير وشرّ وكفر وإيمان وطاعة ومعصية وحسن وقبح من خلق الله بإيجاده ، وليس للعبد قدرة على خلقه ، نعم له كسبه والعمل به ، وبهذا الكسب والعمل سيجزى إن شرّا فشر وإن خيرا فخير ، فهذا هو مذهب أهل السنّة ، وقالت الإمامية إن العبد يخلق أفعاله ولا دخل لله في أفعالهم الإرادية ، وهذه العقيدة مخالفة للكتاب والعترة ، أما الكتاب فقوله تعالى : ( وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ ) [ الصافات : ٩٦ ] وقوله تعالى : ( خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) [ غافر : ٦٢ ] وأما العترة ، فقد روى الإمامية بأجمعهم عن الأئمة : أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى ».
المؤلف : أولا : إن الضرورة العقلية قاضية بالفرق بين الحركتين الاختيارية والاضطرارية ، فإن العقلاء جميعا يفرّقون بينهما وينسبون الأول إلى الإرادة ، ويقولون في الثاني إنها خارجة عنها غير داخلة فيها ، ويقولون إن الأولى مقدورة كتحريك يده أو عضو من أعضائه اختيارا ، والثانية غير مستطاعة ولا مقدورة كحركة المرتعش ، والواقع من أعلى المنارة وغير ذلك من الموارد التي يفرّق بينهما أهل العقول ، وهذا من الأمور المشاهدة بالعيون الّذي لا يشكّ فيه اثنان منهم.
ثانيا : إنه من القبيح على الله تعالى أن يكلّف العبد بفعل الطاعة واجتناب المعصية ، وهو لا يقدر على مخالفة القديم ، وذلك لأنه إذا كان الفاعل للمعصية فينا هو الله تعالى ـ كما يزعم الخصوم ـ لم يقدر العبد على الطاعة ، لأن الله تعالى إن خلق فيه فعل الطاعة كان لازم الحصول دائما وإن لم يخلقه كان ممتنع الحصول أبدا ، فلو لم يكن العبد قادرا على الفعل والترك كانت أفعاله جارية مجرى حركات الجمادات التي يحرّكها الإنسان كيفما شاء ، والضرورة العقلية