العطف هاهنا على الأيدي ممتنع لا يجوز المصير إليه لأنه مبطل لقراءة الجرّ للتنافي بينهما ، وقد اعترف الآلوسي بتواتر قراءة الجرّ ، وقوله : والعطف على لفظ الأيدي يؤكد لك كمال المناقضة بين قوليه إذ لا يبقى معه محلّ لقراءة الجرّ ، لأن لفظ الأيدي منصوب لفظا ومحلاّ ، وهذا بخلاف العطف على الموضع ، لأن به يحصل التوفيق بين القراءتين فيتعيّن المصير إليه ، وهذا هو الجمع الصحيح إن كان هناك تعارض بين القراءتين دون ما زعمه هذا الآلوسي.
الوجه السّابع : قوله : « ولمّا حصل الجمع بين الفريقين لزم الترجيح ».
فيقال فيه : لقد أثبتنا أن الآية لا دلالة فيها على إرادة غسل الأرجل ، بل تدلّ بوضوح على وجوب مسحها وحرمة غسلها ، وأن العطف على لفظ الأيدي ممتنع لغة ، والعطف على محلّ الرءوس على قراءة النّصب هو المتعيّن ، ومما يضحك الثاكل الحزين قول هذا الجاهل : ( ولمّا حصل الجمع بين الفريقين لزم الترجيح ) بربّك قل لي أيها الناقد إذا كان يعترف بحصول الجمع بين الفريقين ـ إن أراد به القراءتين ـ فبأي وجه يا ترى يلزم الترجيح ، فإن المرجح إنما يلتمس في ترجيح أحد المتكافئين فيما إذا كانا متعارضين مطلقا ، ولم يمكن الجمع بينهما على ما تقتضيه قواعد فن الجمع بين المتعارضات ، أما مع إمكان الجمع وحصوله ـ كما يزعم هذا الآلوسي ـ فلا يبقى محلّ للترجيح في شيء ، وإن أراد بالفريقين في قوله : ( بين الفريقين ) حصول الجمع والوفاق بين المتخاصمين من أهل السنّة والشيعة في هذه المسألة ، ورجوع أكثر أهل السنّة إلى مذهب الشيعة أو رجوع الشيعة إلى أكثرهم فأقبح فسادا من دعوى حصوله الجمع بين القراءتين ، فإنه ما برح مخالفا لنصّ الكتاب في غسلهما حتى هلك عليه ، ولا زال خصومه موافقين لنصوص القرآن في مسحهما من زمن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة الطاهرين من آله وعصر الصحابة والتابعين وتابعيهم إلى اليوم ، وما بعده حتى قيام الساعة.
الوجه الثامن : قوله : « ولم يرو أحد ولو بطريق الآحاد أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم مسح الرجلين ».