( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) أيضا يفيد معنى المسح ، فاحتمال إرادة المسح من جرّ الجوار في العطف في الآية يمنع من احتمال إرادة الغسل ، على أن أرجلكم منصوب بنزع الخافض على قراءة النصب وهو كثير الوقوع في القرآن وفي لغة العرب ، فلا يدلّ على كونه معطوفا على لفظ الأيدي ولا يفهم منها الغسل مطلقا.
الوجه الخامس : قوله : « من القواعد المقرّرة في العربية أنه إذا اجتمع فعلان متقاربان بحسب المعنى جاز حذف أحدهما ».
فيقال فيه : كان على الآلوسي أن يذكر لنا ما هي العلاقة بين ما جاء على ذكره هنا وبين محلّ النزاع ، إذ لا حذف في الآية حتى يعطف متعلّق المحذوف على متعلّق المذكور ـ كما زعمه فيما أورده من المثال ـ الأمر الّذي يشهد عليه بأنه يكتب ولا يشعر بما يكتب فهو يكتب بشهوة وعاطفة مذهبية ، لذا تراه يتخبط في بحثه خبط عشواء ، على أنه لا يقاس ما جاء به من المثال على الآية لوجود القرينة فيه وعدمها فيها ، ومن حيث أنه أهمل ذلك ولم يأت على ذكره علمنا أن ذلك من خرصه وتمويهه ، يحاول به تصحيح ما هو باطل بالباطل وهيهات له ذلك.
الوجه السّادس : قوله : « فلأن حمل الواو على معنى ( مع ) بدون قرينة لا يجوز ».
فيقال فيه : أولا : إذا كنت تعترف أن الحمل على خلاف الظاهر بدون قرينة لا يجوز فكيف إذن جاز لك أن تحمل المسح على الغسل في الآية بدون قرينة ، فالآلوسي إما أن يقول بجواز حمل الظاهر على خلاف ظاهره بدون قرينة أو لا يقول به ، فإن قال بالأول ـ وهو قوله ـ بطل قوله الثاني ، وإن قال بالثاني ـ وهو قوله ـ بطل قوله الأول ، وحسبك هذا دليلا على بطلان مذهبه.
ثانيا : متى قالت الشيعة إن الواو في الآية بمعنى مع ـ وإن كانت تفيده ـ وأين قالوا ومن هم الناقلون له ، وأيّ حاجة بهم إلى أن يقولوا بأن الواو فيها بمعنى مع وهي بمعناها تفيد الاشتراك في المعنى والحكم ، وأن حكم المسح الثابت للرؤوس ثابت للأرجل بمقتضاها في اللّغة ، ولقد أثبتت الشيعة غير مرّة أن