أو هل يا ترى فهم الآلوسي العصمة من قوله تعالى : ( وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ ) وهو يعني وسوسة الشيطان بقوله للمقاتلين في واقعة بدر إنه ليس لكم بالمشركين طاقة كما يقتضيه ما قبل الآية بقوله تعالى : ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ) لتسكن به قلوبهم يوم بدر لقلّتهم وكثرة المشركين ولتزول الوسوسة عنها.
والمراد من الشيطان في منطوق الآية ما يعمّ الجنّ بدليل قوله تعالى : ( شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً ) [ الأنعام : ١٢٢ ] وقوله تعالى : ( وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ ) [ البقرة : ١٤ ] فهو يريد بالشياطين من يرجع إليه المنافقون من الكفار وغيرهم في امتثال أمرهم بتكذيب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ ليس الشيطان إلاّ كلّ طاغ وباغ مجتاز لحدود الله وكافر بها ، وهو ينطبق على الإنس والجنّ معا ، لذا كان المراد من الشيطان المسند إليه الرجز في الآية المنافقين الّذين كانوا يثبطون عزائم المؤمنين عن القتال بما يلقونه في قلوبهم من الخوف والاضطراب.
ومن ذلك كلّه تفقه عدم دلالة الآية على عصمة أحد وليس فيها ما يفيد العصمة إطلاقا وليست معارضة لآية التطهير في شيء لاختلافهما موضوعا وحكما ، كما لا ملازمة بين عصمة أهل البيت عليهمالسلام بدلالة الآية عليها وبين انتفاء العصمة عن الصحابة لعدم دلالة الآيتين عليها مطلقا كما ألمعنا.
ثامنا : قوله : ( فلأن غير المعصوم لا يكون إماما مقدمة باطلة ممنوعة يكذّبها الكتاب وأقوال العترة ).
فيقال فيه : كان اللاّزم على الآلوسي أن يدلي علينا آية واحدة من الكتاب تدلّ على جواز إمامة غير المعصوم أو جواز إمامة المفضول المحتاج إلى التكميل في كلّ شيء حتى فيما يعرفه الصبيان من لفظة : ( كلالة وأبّ ).