وقوله تعالى : ( وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلاَّ ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ ) [ الأنعام : ١٤٦ ] ومفهوم الآيتين واضح ، وفيهما دلالة صريحة على أن العلّة في تحريم ذلك عليهم هو عصيانهم لا وصف ثابت للمذكورات ، وحينئذ فلا يمكن الجزم بأن الجامع بين المقيس والمقيس عليه علّة للحكم لجواز أن تكون خصوصية الأصل المقيس عليه شرطا للحكم المنصوص ، أو تكون خصوصية الفرع مانعة من إلحاق غير المنصوص بالمنصوص ، أو تكون صفة المكلف هي التي أوجبت الحكم ، فهذه كلّها دلائل واضحة على بطلان إلحاق أمر غير منصوص عليه بآخر منصوص عليه في الحكم الشرعي الّذي هو القياس الباطل.
قال الآلوسي ( ص : ٢٣ ) : « ومن مكايدهم أنهم يقولون إن مذهب الإثني عشرية حقّ لأنهم أقلّ من أهل السنّة ، وقال تعالى : ( وَقَلِيلٌ ما هُمْ ) [ ص : ٢٤ ] ( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ ) [ سبأ : ١٣ ].
والجواب : أنه لا يخفى على العاقل أن في هذا التقرير تحريفا لكلام الله ، فإن الله تعالى قال في أصحاب اليمين : ( ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) [ الواقعة : ٣٩ ـ ٤٠ ] والثلّة الجم الغفير ، وليس في الآية الكريمة المذكورة بيان حقّية المذاهب وبطلانها ، وعلى تقدير كون القلّة والذلّة موجبة للحقيّة ، يلزم أن يكون النواصب والخوارج وغيرهم أحقّ من الإثني عشرية لأنهم أقلّ منهم ـ إلى أن قال ـ : فبان كيدهم وخسر هنالك المبطلون ».
المؤلف : أوّلا : قوله : « إنهم ـ أي الشيعة ـ يقولون إن مذهب الإثني عشرية حقّ لأنهم أقلّ من أهل السنّة ».
فيقال فيه : إن أراد أن القلّة مطلقا تلازم الحقيّة على معنى أن كلّ قليل يكون الحقّ في جانبه من كلّ كثير ، فذلك ما لا تقول به الشيعة الإثنا عشرية ، وإن أراد الملازمة بينهما في الجملة فذلك ما تقول به الإمامية ، ودليلهم على ذلك قوله