وغيرها من الأعضاء والجوارح التي خلقها لمنافع تعود على الإنسان وغيره ، وكذا الحال في الكائنات التي خلقها لمنفعة العباد ، فإذا كانت غير مقصودة ولا مخلوقة لغرض ـ كما يزعم الآلوسي ـ لزم اللّغو والعبث في ذلك كله من الله تعالى عن ذلك علوّا كبيرا.
الثاني : إنه لو لم يكن فعله لغرض ومصلحة لزم إبطال النبوّة رأسا وعدم القطع بصدق نبيّ منهم ، بل يحصل لنا في هذا الحال الجزم بكذبهم.
لأن نبوة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لا تتم إلاّ بأمرين :
الأول : أن يكون الله تعالى قد خلق المعجزة على يده لغرض التصديق به.
الثاني : أن كلّ من حكم الله بصدقه فهو صادق قطعا.
فإذا أسقطنا القول بأحد الأمرين فقد أسقطنا دليل النبوّة وذلك لأن الله تعالى لو خلق المعجزة لا لغرض التصديق بطل أن يكون دليلا على صدق مدعي النبوّة لانتفاء الفرق بين النبيّ وبين غيره بعد أن فرضنا أن خلق المعجزة لم يكن لغرض التصديق بصاحبها ، وحينئذ فلكلّ أحد أن يدعيها ويقول إن الله تعالى صدّقني وبطلانه واضح.
ثم يقال لهم : إنّه إن لم يكن يخلق المعجزة لغرض التصديق لزم الإغراء بالجهل لأنه دالّ عليه ، لأنّا لو فرضنا أن شخصا ادّعى النبوّة وقال إنّ الله تعالى يصدّقني بأن يجري على يدي شيئا لا يقدر أحد من النّاس عليه وكان ذلك مقارنا لدعوته ، وتكرر ذلك منه عقيب تكرر دعوته ، فلا شك في أن كلّ عاقل يقطع بصدقه ، فلو لم يفعله لأجل التصديق به لكان الله تعالى بذلك مغريا بالجهل وهو قبيح على الله يستحيل نسبة صدوره إليه ، ويكون مدّعي النبوّة حينذاك كاذبا بقوله إن الله تعالى خلق المعجزة على يدي لأجل تصديقي.
فإذا كان لا يجوز أن يفعل لغرض كما يزعم الخصوم فكيف يجوز للنبيّ أن يدّعي هذه الدعوى الموجبة لتكذيبه.