مرّت الإشارة إليه في قصة قوم موسى عليهالسلام وليس استحالة رؤيته عنده بأقل من استحالة وجود شريك الباري.
ثم إنّا نقول للآلوسي : إن الإجماع المدّعى على إثبات رؤية الله فاسد من وجود :
الأول : إننا لم نر فيما نعلم أن واحدا من سلفه ادعى الإجماع على مثل هذه المسألة التي قام النزاع فيها بين الأمة على ساق ، وحينئذ فلا نشك في أن ذلك من مخترعاته واختلاقه فالرجل لمّا أفلس من الحجّة ولم يظفر بالسند وعجز عن إقامة الدليل العلمي على إثباتها ادعى إجماع الأمة على ذلك ليغري العامة فيقول إن مثل هذه المسألة التي يأباها العقل والدين وما لا تسنده الأدلة المنطقية ثابتة بإجماع المسلمين بهتانا وزورا.
الثاني : إن أراد بإجماع الأمة أن الأمة جميعا من أهل السنّة والشيعة أجمعوا على رؤية ففاسد جدا ، لأن جميع الشيعة وكافة المعتزلة من أهل السنّة على خلاف ذلك ، وإن أراد به إجماع المتقدمين في عصر الصّحابة فأقبح فسادا من سابقه ، وذلك لأن مسألة إمكان الرؤية من معتقدات الأشعري وأتباعه ، وليس هو من الصّحابة ولم يكن في عصرهم وعلى فرض التسليم جدلا فهو من الإجماع المنقول ، وقد انفرد بنقله هذا الآلوسي وحده والمنقول في نفسه غير مقبول فكيف إذا كان الناقل له خائنا كاذبا.
الثالث : إن هذا الإجماع المزعوم لو كان محصلا لما نهض دليلا في مثل هذه المسألة وغيرها مما هو من أظهر مصاديق حكم العقل المؤيد بحكم الكتاب الحاكم بفساده.
الرابع : كان على الآلوسي أن ينقل لنا ذلك الإجماع بأسانيد تفيد العلم كما هو شريطة نقل الإجماع عند علماء الأصول من الفريقين ، ومن حيث أنه أهمل ذلك ولم يأت على ذكره علمنا بطلانه.