الرعيّة السّلطان ووليّ عهده والقائم مقامه ) إنك تريد المحبّ أو الناصر ، بل يحكمون قاطعين أنك تعني مالك الأمر لا سواه.
فالوليّ في الآية من هذا القبيل ، وذلك لأن سلطان الله تعالى ثابت على الخلائق أجمعين بالضرورة عقلا ، وكذلك سلطان رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم على الأمة جميعا من حيث رسالته وخلافته صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الله تعالى ، وإذا تسجّل هذا لديك تعيّن الوليّ في الآية بمالك الأمر ، وأن عطف ولاية الّذين آمنوا الّذين يقيمون الصّلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون على ولاية الله تعالى أو على رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم قرينة قطعية على إرادة اشتراك المعطوف مع المعطوف عليه في الحكم كما يقتضيه العطف ، وحينئذ فيلزم أن تكون الولاية الثابتة لمن آتى الزكاة في حال الركوع هي عين الولاية الثابتة لله تعالى ولرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهي الولاية بمعنى الأولوية والأحقّية وملك الأمر بالتصرف في شئون الناس كافة.
الثاني : إن أداة الحصر وهي كلمة : ( إنّما ) المفيدة للحصر باتفاق أهل اللّغة قرينة قطعية على أن الآية تريد من الوليّ من له السلطة وولاية الأمر وأولوية التصرف لا سواه من المعاني لو صح شيء منها من لفظ الوليّ في منطوقها ، وذلك لأن غيرها من المعاني غير منحصرة في الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم والمؤمنين فيها بل يتعدى إلى غيرهم من المؤمنين أجمعين.
الثالث عشر : قوله : ( والقرينة من السّياق وهو ما بعده هذه الآية تعيّن إرادة المحبّ ).
فيقال فيه : إنّ الآية بحكم الوجدان مفصولة عمّا قبلها من الآيات الناهية عن اتخاذ الكفار أولياء ، ومجرد كون الولي في آية أخرى سابقة أو لاحقة مفصولة عن هذه الآية بمعنى المحبّ لا يستلزم أن يكون معنى الوليّ في آية الولاية بمعناها إطلاقا لعدم الملازمة بينها وبين الآية ، بل المناسب لسابقها ولاحقها أن يكون معنى الولي في هذه الآية بمعنى ولي الأمر والأولى والأحق بالتصرف في الأمور