عاشرا : قوله : « ويدل على ذلك قوله تعالى في حقّ الكافرين : ( إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ).
فيقال فيه : أولا : إنه أخص من المدّعى فلا يجوز جعله دليلا على صحة الدعوى.
ثانيا : لا دلالة فيه على جواز رؤية الله ، إذ لا ربط بين كون الكافرين محجوبين عن رحمة ربهم ـ كما هو مفاد الآية ـ وبين رؤية المؤمنين له في القيامة الخارج عن منطوقها.
وكم من فرق بين كون الكافرين محجوبين عن رحمة ربهم لكفرهم كما تدل عليه الآية وبين رؤية المؤمنين له تعالى ، فإن هذا الأخير لا يفهم من الآية ولا تفيده فكيف يصح أن يستدلّ بها عليه ، وهي لا تلوح منها عليه لائحة ولا تشم منها رائحة.
فالآلوسي لم يزل يأتي بآيات لا علاقة لها بمحلّ النزاع ولا صلة بينها وبينه فيحتج بها في غير موردها ، ويعرف ذلك كلّ من اطلع على كتابه وقرأ ما فيه ، وما أورده هنا من الآيات شاهد عدل على ما نقول.
الحادي عشر : قوله : « مع أن متمسك هؤلاء المنكرين في نفي الرؤية ليس إلاّ الاستبعاد ، وغاية سوء الأدب لمن يؤول آيات الكتاب بمجرد استبعاد عقله الناقص ، ويصرفها عن الظاهر ولا يتفكر ولا يتأمل في معانيها فيه ».
فيقال فيه : إنما يركن إلى الاستبعاد الناشئ عن عقله الناقص وفهمه القاصر وعن سوء تفكيره هو هذا الخصم الّذي أفلس من كلّ حجّة ، وفاته كلّ سند على إثبات مدعياته ، ثم إذا كان هناك من يصرف الآيات عن ظواهرها ولا يلتزم بوجه دلالتها ، ويؤولها حسبما يهوى من دون تفكير ولا تأمل في معانيها ، فأساء إلى