الصّفات لا يمكن أن يعطيها للآخرين على أساس القاعدة العقلية الضرورية : ( أن فاقد الشيء لا يعطي ما فقده ) ( والمعطي غير فاقد ).
ثالثا : قوله : « لأن إطلاق المشتق على ذات لا يصح بدون قيام مبدأه بها ، إذ الضارب إنما يطلق على ذات قام الضرب بها ).
فيقال فيه : إن خبطه هنا وخلطه كان ناشئا عن جهله بهذا الفن ، وعدم معرفته بأنحاء التلبس الناشئة من اختلاف المواد والهيئات والمبادئ والصور ، وغير خفي على من له يدان أو يد في هذا الشأن أن المعتبر في صدق المشتق على الذات وجريه عليها تلبس الذات بالمبدأ بأي نحو من أنحاء التلبس الناشئة من إختلاف المبادئ تارة واختلاف الهيئات أخرى ، فيكون القيام والتلبس تارة صدورا كالضارب ومرة حلولا كالمؤلم وطورا وقوعا عليه أو فيه وأخرى منتزعا عنه مفهوما ومتّحدا معه خارجا كما في صفاته تعالى ، فإنه يكفي في جريان المشتق عليه المغايرة في المفهوم بين المبدأ وبين ما يجري المشتق عليه وإن كانا واحدا مصداقا ، وتلك قضية صفاته تعالى مثل العالم والقادر والحيّ وغيرها من صفاته التي هي عين ذاته مصداقا فيكون إطلاقها عليه حقيقة ، فإن المبدأ فيها وإن كان عين ذاته خارجا إلاّ أنه غيره مفهوما.
وبعبارة أوضح : أن قيام الصّفة في الشّيء على قسمين : قسم يقوم به في نفس الأمر كالعلم بالنسبة إلى زيد مثلا ، والقسم الآخر : عرض لا يقوم به كالعالم والقادر بالنسبة إليه ، فإنهما عين زيد في الخارج لصحة حملهما عليه مواطأة بالحمل الشائع الصناعي وزائدان على حقيقته ، فالصفة من القسم الأول زائدة على الله في الخارج والثاني عينه فيه ، والمراد أنّ صفاته من القسم الثاني دون الأول الزائد على الذات في الخارج وقيام المبدأ غير لازم مطلقا ، ثم أنه إن أراد من عدم صدق المشتق بدون قيام المبدأ بالذات أنه لا يصح إطلاقه عليه مطلقا فقد عرفت فساده من الاختلاف في كيفية التلبس والقيام من الحلول والصدور والوقوع ، على أن ما جاء به في المثال لا يتفق مع قوله إنه لا يصدق المشتق بدون قيام المبدأ