ثم إذا كان لا معنى له ـ كما يزعم الخصم ـ فكيف أوجبه الله تعالى على نفسه؟ وهل يجوز لمسلم أن يريد خلاف ما أراد الله وخلاف ما كتبه على نفسه من الهدى والرحمة في تعيين الإمام ونصبه على عباده ، وما كان لمسلم ولا مسلمة أن يتبعا الآلوسي في مزعمته ويخالفا بذلك كتاب الله ويكونا حرب الله.
ثالثا : قوله : ( لأن مقدمة ما يجب على أحد واجب عليه ).
فيقال فيه : إن وجوب المقدمة فرع وجوب ذي المقدمة ، فلا يجب على المكلّف تحصيل ما يتوقف عليه الواجب من الإطاعة والامتثال والانقياد للإمام إلاّ بعد وجوبه من الله دون ما أوجبه الناس على أنفسهم من الانقياد والإطاعة لبعضهم ممن يجعلونه رئيسا على أنفسهم ، فإن ذلك حرام محرم في الشريعة مأثوم ومعاقب صاحبه بدليل قوله تعالى : ( اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ) [ الأعراف : ٣ ] فهذه الآية صريحة في أن إتباع الناس لمن يجعلونه رئيسا على أنفسهم فيما توحيه إليهم أهواؤهم إتباع من دون الله أولياء ، وكلّ من اتبع من دون الله أولياء مشرك ، والأطمّ من ذلك قول الخصم : ( إنّه حيث كان تحصيل ما يتوقف الواجب عليه واجبا عليهم أن ذلك الواجب أيضا واجب عليهم ) إذ كيف يجب عليهم ما ليس بواجب من الله عليهم لوضوح أن وجوب تحصيل المقدمات يتوقف على ما أوجبه الله على الإطلاق وإلاّ فلا وجوب حيث لا يكون هناك واجب منه تعالى ، ولا يجب أبدا تحصيل مقدمات ما لا واجب منه ، وأما إيجاب الناس فلا يساوي عند الله جناح بعوضة ومخالفة إيجابهم قد أمر بها كتاب الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأطبق على وجوب مخالفتهم أهل السّماء والأرض من المؤمنين أجمعين.
رابعا : وقوله : ( ألا ترى أن الوضوء ).
فيقال فيه : لو لا وجوب الصّلاة وتكليف الإله عباده لها لما وجب عليهم تحصيل مقدماتها من وضوء وغيره مما هو من مقدماتها شرعا ، وليس في هذا ما يدل على أن وجوب مقدماتها كان لأجل أن وجوبها من النّاس ، بل هو لعمر الحق