معكوس عليه ودليل لنا عليه لا له ، لأن وجوب تحصيلها كان لأجل وجوبها من الله تعالى لا من الوثنيين الّذين يطيعون المخلوقين من دون الله تعالى.
فوجوب الانقياد للإمام ولزوم إطاعته ما هو إلاّ لوجوبه من الله تعالى وحده لا يشاركه في ذلك أحد من العالمين كما يقول القرآن : ( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ) [ الأعراف : ٥٤ ] لا لسواه من العاكفين على عبادة العجل ، فما يوجبه العبيد لا يجوز على الناس امتثاله والانقياد إليه فضلا عن وجوبه عليهم ليجب تحصيل مقدماته ، إذ لا دليل على جواز الانقياد لمن اختاره بعضهم بل كلّهم لو صح حصوله من كلّهم وجعلوه رئيسا على أنفسهم طمعا أو خيفة بل الدليل قائم على حرمته وضلاله ضلالا مبينا ، وإنّما يجب عليهم ما أوجبه الله تعالى وحده فلا قيمة في اختيارهم ولا في قولهم ، ولو كان في إختيار النّاس قيمة عند الله لكان ما اختاره بنو إسرائيل من عبادة العجل قيمة عند الله بل اختيارهم لمن يعقل أشد ضررا على العباد والبلاد من اختيارهم ما لا يعقل بدليل قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ * يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ * يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ) [ الحج : ١١ ـ ١٣ ].
فالفقرة الأولى من الآية تدل بصراحة بقرينة ( ما ) الموصولة التي تستعمل غالبا لغير العاقل ، على أن إطاعة غير العاقل والدعوى إليه والعكوف على عبادته لا يدفع عن المرء ضرا ولا يجلب له نفعا ، فهي تعني الأصنام المصنوعة من الأحجار ونحوها من الجمادات.
والفقرة الثانية من الآية صريحة الدلالة بقرينة ( من ) الموصولة التي تستعمل للعاقل ( ولام التأكيد الداخلة عليها ) على أن إطاعة الأوثان البشرية وهياكلها القذرة والدعوة إليها والالتفاف حولها وتطبيق رواسب أفكارها من دون الله لأجل إختيار الناس لهم لا خير فيهم ولا نفع بل ضرّ كلّهم ومذمومون كلّهم سواء في ذلك المطيع منهم والمطاع ، بدلالة قوله تعالى : ( لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ) وإن