الزكية ، وأنزلوا بهم من الأمر الشنيع والخطب الفظيع ما يملأ قلوب الإنسانية قيحا ، ويفجّر عيونها دما.
وبكلمة واحدة يعرف كلّ أحد أنه ما مات منهم أحد حتف أنفه وما منهم إلاّ مسموم أو مقتول ، فدونك السير والتواريخ لمن جاء على ذكرهم من خصوم الشيعة لتعلم ثمة كذب هذا الخصم المنتصر لأعداء أهل البيت عليهمالسلام بقلبه ولسانه وقلمه ، وأن ما زعمه من عدم تخويف النّاس لهم عليهمالسلام افتراء لا أصل له.
وكيف يا ترى لا يلتجئون إلى الاختفاء خوفا من أعدائهم الأمويّين والعباسيّين من أسلاف الآلوسي الّذين كانوا يتقربون إلى أوثانهم بسفك دمائهم حتّى لو أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أوصاهم بقتلهم ونهبهم وتحقيرهم وتذليلهم لما تجاوز ذلك عمّا فعلوا بهم وارتكبوا منهم ، فكيف يزعم هذا العدو دفاعا عن أئمته بغاة صفين والدعاة إلى النار أنهم لم يخوفوا أهل البيت عليهمالسلام بشيء ولم ينالوهم بسوء ، وما ذا يا ترى يريد الآلوسي بعد هذا كلّه أن يصنعوا معهم حتى يشفي غليله ويلين أعاليه ، فإن القوم لم يتركوا شيئا إلاّ فعلوه مع أهل البيت عليهمالسلام من القتل والسلب والأسر والهتك والاستبداد كما تحدّثنا بذلك سلسلة الحوادث التأريخية التي اتصل أولى حلقاتها بأولهم وآخرها بآخرهم.
ثانيا : قوله : « أيضا التخويف الموجب للاستتار إنما هو القتل ، والقتل لا يتصور في حقّ الأئمة لأنهم يموتون باختيارهم » ، فمدخول لوجهين :
الأول : إن إبطال حياة الحيّ الناشئ عن القتل بالسيف ونحوه غير الموت حتف الأنف ، ولا يلزم من وجود إحداهما وجود الآخر بدليل قوله تعالى : ( أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ ) [ آل عمران : ١٤٤ ] وقوله تعالى : ( ما ماتُوا وَما قُتِلُوا ) [ آل عمران : ١٥٦ ] وقوله تعالى : ( وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ ) [ آل عمران : ١٥٨ ].
وليس من الجائز أن يكون التأكيد والتكرير في اللّفظين : ( الموت والقتل ) يرجعان إلى معنى واحد عند أهل العربية ، فلا يصح حمل القرآن عليه لاستلزامه