أن يكون المعنى في الآيات هكذا : ( أفإن مات أو مات ) ( ولئن متم أو متم ) ( ما ماتوا وماتوا ) مع ما فيه من تحصيل الحاصل الباطل ، ولأنّا نعلم بأن الله تعالى ليس قاتلا لمن مات حتف أنفه ، ألا ترى إلى العقلاء أنهم يعيبون القائل في ميّت أن الله قتله ويحكمون بخطئه.
وأما القتل المسند إلى الله تعالى في قوله : ( قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) [ التوبة : ٣٠ ] فيعني اللّعن الإلهي الّذي هو عبارة عن الطرد على وجه السخط والغضب عن رحمته وهو الّذي يقتضيه واقع الحال في الآية.
ولأن الموت والقتل عرضان وليسا جسمين ، والقتل وليد الأسباب الخارجية ومحلّه حياة أجسام الأحياء والموت معنى يخالف حياة الحيّ فلا يصح حلوله في الأجسام ، ولأن القتل مقدور للخلق والموت من خلق الله كالحياة لا يقدر عليه أحد إلاّ الله بدليل قوله تعالى : ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ ) [ الملك : ٢ ] أما كون الأئمة لا يموتون إلاّ باختيارهم كما هو مفاد الخبر فإنه يريد أنهم يموتون حتف أنفهم باختيارهم تكرما من الله تعالى عليهم ولا محذور فيه إطلاقا ، أما القتل الّذي هو من فعل الآدميّين فليس في الخبر شيء يدلّ على أنه باختيارهم ولا جائز أن يريده ، لأن ما هو من فعل الآخرين واختيارهم لا يمكن أن يكون من اختيار غيرهم مطلقا.
وبعبارة أوضح : أن صريح الخبر أنهم يموتون باختيارهم لا أنهم يقتلون ولا ملازمة بينهما ، وثبوت أحدهما لا يلزم منه ثبوت الآخر ، والمسبب فيهما وإن كان واحدا لكن السبب في الأول غيره في الثاني ، وصريح الخبر يريد المسبب المسند إلى الإختيار الناشئ عن حتف الأنف دون الناشئ عن الذبح والقتل ، ولا تلازم بين السببين بل هما على نحو التضادّ لذا كان القتل بغير حق جريمة موبقة يستحق فاعله القصاص إذا كان عن عمد وعليه الديّة إن كان عن خطأ ، ولو كان من فعل الله وخلقه لم يجب شيء من ذلك إطلاقا وتلك قضية الموت حتف الأنف.
الثاني : إن المراد باختيارهم في الخبر هو ما يختاره الله تعالى لهم لأن اختيارهم عليهمالسلام من اختياره تعالى فيكون معناه موافقا لقوله تعالى : ( وَما تَشاؤُنَ