اعترف الآلوسي نفسه بثبوت نقله وصحته من قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح ) وقد تقدم ذكره ، ولا شك في نجاة الفرقة التابعة لأهل البيت النبويّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والطائفة التي ما برحت تابعة لهم في أصولها وفروعها وعقائدها وسلوكها ، وآخذة أحكامها وسائر أعمالها منهم عليهمالسلام هي الطائفة الإمامية الموالية لمن والوا والمعادية لمن عادوا ، دون غيرها من سائر الطوائف.
وأما قوله تعالى : ( ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) [ الواقعة : ٣٩ ـ ٤٠ ] فعبارة أخرى عن قوله تعالى : ( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ ) وقوله تعالى : ( وَقَلِيلٌ ما هُمْ ) لا سيما إذا لا حظنا قوله تعالى قبلها : ( ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) [ الواقعة : ١٣ ـ ١٤ ] على أن الثلة كما في مختار الصحاح وغيره جماعة من الناس ، وأصله القطعة من قولهم ثلّ عرشه إذا قطع ملكه بهدم سريره ، وليس كما يزعمه الآلوسي أنها الجم الغفير ، فإن هذا لم يرد في لغة العرب ، وهب جدلا أنها الجم الغفير ومع ذلك فإنها تريد الكثير المقابل للأكثر ، فالآية على هذا تريد الكثير دون الأكثر ، فهي لا تنطبق إلاّ على الشيعة الإمامية ، لأنهم مسلمون وأقلّ من غيرهم من المسلمين ، وغيرهم أكثر منهم ، فهم المعنيون حتى على قول الآلوسي ، بقوله تعالى : ( وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) فهم الثلّة من الآخرين المدلول عليهم في الآية الثانية ، وهم القليل من الآخرين المدلول عليه في الآية الأولى في سورة الواقعة ، فأهل السنّة خارجون عن منطوق هذه الآيات لكثرتهم من جهة ولأكثريتهم من جهة أخرى ، وأما غيرهم من النواصب والخوارج فخارجون عنها بوصف الكفر والخروج عن الإسلام.
وبعبارة أخرى : الشيعة هي المعنية بقوله تعالى في الآيتين : ( وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) وقوله تعالى : ( وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ ) لأنهم ثلّة وقلّة من الآخرين المدلول عليهما في الآيتين لا أهل السنّة ولا غيرها ، لخروج الأول بوصف الكثرة بالنسبة إلى القلّة ، وبوصف الأكثر بالنسبة إلى الكثير ـ كما يزعم الآلوسي ـ وخروج الثاني بوصف الكفر.