فليس بحجّة في شيء عندهم ، لذا تراهم يقولون فيما اشتهر عنهم : إن كلّ حديث وإن كان بأعلى مراتب الصحة مع كونه بمرأى من الأصحاب ومسمع منهم وقد أعرضوا عنه فهو أجدر ضعفا من غير الصحيح.
وخلاصة القول في هذا : إنّ المناط عند الشيعة في قبول الحديث هو عملهم بالحديث لا مجرد كونه صحيحا أو مرويا في كتاب من كتبهم أكثر رواياته صحيحة ، فقول الآلوسي : ( فقد أهملوا قيود التعريف ) كذب لا أصل له لما تقدم منّا أنهم لم يهملوا تلك القيود في أقسام الخبر ، وإنما أطلقوا الصحة على بعضها مع ضعفه أو إرساله أو توثيقه ، فهو إما لثبوت صحته عند بعضهم فلا يدخل عنده في الضعيف وغيره كما لا يدخل عند من ثبت عدم صحته في الصحيح ويدخل في الضعيف أو المرسل ، أو أنهم أطلقوا الصحيح على الضعيف أو المرسل والموثق باعتبار أنه معمول به عندهم ، وأطلقوا الضعيف على الصحيح لمكان إعراض العلماء عنه الموجب لضعفه ووهنه فلا يعمل به ، ومن ذلك كلّه يتضح لك عدم الملازمة بين صحة الخبر في نفسه وبين وجوب العمل به ، وعدم الملازمة بين ضعف الخبر في نفسه وعدم جواز العمل بن عندهم ، فالنسبة بين الخبر بالأقسام المذكورة وبين عملهم به عموم وخصوص من وجه ، وإطلاق بعض هذه الأقسام على بعض بلحاظ العمل مجازا لا يخرجه عن معناه الحقيقي ، فالقيود التي أخذت في تعريف كلّ قسم من أقسام الخبر مطردة ومنعكسة في تعريفه ، والعمل بالخبر لم يؤخذ قيدا في تعريف كلّ قسم من أقسامه حتى ينخرم بانخرامه.
الثاني : قوله : « وقد حكموا بصحة حديث من دعا عليه المعصوم ».
فيقال فيه :
أولا : إن قبول الخبر عند العقلاء ليس منوطا بعدم فسق الراوي أو عدم كفره ، وإنما المعتبر في قبوله عندهم كونه محفوفا بالقرائن المفيدة للقطع بصحته