بالذات وأنه لا يصح إطلاقه عليه بدونه ، لأن المبدأ في الضارب وهو الضرب ليس قائما بالذات التي جرى عليها المشتق وإنما هو قائم بالمضروب فما هذا العثار.
رابعا : قوله : « فلما ذكر في نهج البلاغة ».
فيقال فيه : ليس في نهج البلاغة ما يدلّ على أن الله تعالى اكتسب صفاته من غيره أو من نفسه ، وإنّما الموجود فيه أن صفاته تمام حقيقته وكمال ذاته ، فإنك تراه يقول عليهالسلام في بعض خطبه :
( وكمال معرفته التّصديق به ، وكمال التّصديق به توحيده ، وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفي الصّفات عنه لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف ، وشهادة كلّ موصوف أنه غير الصّفة ، فمن وصف الله فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثنّاه ، ومن ثنّاه فقد جزّأه ، ومن جزّأه فقد جهله ) إلى آخر خطبته الشريفة التي سجّلها محمّد عبده في ص : (١٥٤) من شرح نهج البلاغة فراجع ثمة حتى تعلم أنه عليهالسلام نفى عنه معاني الصّفات ، وما ذكره الآلوسي من الصّفات عن عليّ عليهالسلام فإنما هي عين الذات وتمام حقيقتها لا غيرها ، وكذلك ما أورده من الآيات فإنها كلّها أدلة للإمامية وحجّة لهم عليه لا له ، لأنهم لا ينكرون صفاته التي هي عين ذاته حتى يستدلّ على بطلان ذلك بما ورد من الآيات المتضمنة إثبات صفاته التي هي هو لا غيره مع الاثنينية والتعدد كما يزعم الخصوم.
قال الآلوسي ص : (٥٨) : « إن صفاته الذاتية قديمة لم يزل موصوفا بها ، ثم نسب إلى بعض أولياء الله القول : بأنّ الله خلق لنفسه علما وسمعا كما خلقها لبعض المخلوقات ، فصار عالما سميعا بصيرا ومخالفة هذه العقيدة لكتاب الله أظهر من الشّمس ، فإنه وقع في كثير من مواضعه ( وكان عليما حكيما وعزيزا حكيما ). ( وسميعا بصيرا ) ومخالفة العترة ، فلما رواه الكليني عن أبي جعفر عليهالسلام لم يكن شيء غيره ولم يزل عالما ، ومع هذا يرد عليهم أن يكون الله محلاّ للحوادث وهو باطل بالضرورة ».