العموم في حق النبوّة والفضل بالنسبة إلى خصوص سيّد الأنبياء عليهالسلام لقيام الدليل القطعي على أن محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم كان نبيّا صلىاللهعليهوآلهوسلم وعليّ عليهالسلام لم يكن كذلك ، ولانعقاد الإجماع القطعي على أن محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم كان أفضل من عليّ عليهالسلام فيبقى ما عدا ذلك من العموم معمولا به ، ومن ذلك ما ثبت بإجماع الفريقين أن نفس محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل من نفوس جميع الأنبياء عليهمالسلام والمرسلين عليهمالسلام فيجب أن يكون نفس عليّ عليهالسلام أفضل من جميع الأنبياء والمرسلين عليهمالسلام نزولا على عموم ذلك الحكم فيما عدا ما خرج عن عمومه من الفضل والنبوّة صلىاللهعليهوآلهوسلم في شأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خاصة.
فلو لم يكن عليّ عليهالسلام أفضل منهم عند الله ، لما جعل الله نفسه عليهالسلام كنفس نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وآتاه من الفضل ما لم يؤت أحدا من العالمين بعد نبيّه وصفيّه خاتم النبيّين صلىاللهعليهوآلهوسلم ولعمري إن هذه الآية من أقوى الأدلة على أفضليته عليهالسلام منهم عليهالسلام وهي تكفي لقلع جذور إنكار الآلوسي تفضيله عليهالسلام عليهم عليهالسلام.
الوجه الرابع : قوله : « فإن ذلك خلاف ما عليه العقلاء ».
فيقال فيه : إن الآلوسي يكتب ولا يدري ما يكتب ، فهو يكتب بدافع من عصبيته البغيضة ، لذا تراه أورد هذه الكلمة دون أن يشعر بما تنطوي عليه من الكفر والنفاق ، لأنه إن كان ثمة من يقول بأفضلية عليّ عليهالسلام من سائر الأنبياء عليهالسلام بعد كتاب الله هو رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فعلى زعمه أن أعقل العقلاء وأفضل الأنبياء صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ والعياذ بالله ـ ما كان من العقلاء حينما فضّله عليهالسلام عليهم عليهالسلام في حديثه صلىاللهعليهوآلهوسلم الّذي يرويه المؤالف والمخالف ـ وهو من الأحاديث المقبولة عند الفريقين ـ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( من أراد أن يرى آدم في علمه ، ونوحا في طاعته ، وإبراهيم في خلّته ، وموسى في هيبته ، وعيسى في صفوته ، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب ) (١) وهو نص لا يقبل التأويل في أن عليّا عليهالسلام كان
__________________
(١) أخرج هذا الحديث جماعة من أعلام أهل السنّة وثقاتهم ، منهم الفخر الرازي في تفسيره الكبير ( ص : ٤٧٢ ) من جزئه الثاني عند تفسير آية المباهلة ، ومنهم محبّ الدين الطبري في الرياض النضرة ـ