كان بالقتل وهذا لا يتصور في حقّ الأئمة لأنهم يموتون باختيارهم كما أثبت ذلك الكليني في الكافي ، وأيضا لا يفعل الأئمة أمرا إلاّ بإذنه تعالى ، فلو كان الاختفاء بأمره وقد مضت مدّة والخفاء هو الخفاء فلا لطف بلا امتراء ، وأيضا إن كان واجبا لزم ترك الواجب في حقّ الّذين لم يكونوا كذلك كزكريا ويحيى والحسين عليهمالسلام وإن لم يكن واجبا بأن كان مندوبا لزم على من اختفى ترك الواجب الّذي هو التبليغ لأجل مندوب وهو فحش ، وإن كان أمر الله مختلفا بأن كان في حقّ التاركين بالندب مثلا وفي حقّ المستترين بالفرض لزم ترك الأصلح الواجب بزعم الشيعة وهذا باطل أيضا.
نقول : الاختفاء من القتل نفسه محال لأن موتهم باختيارهم وإن كان من خوف إيذاء البدن يلزم أن الأئمة فرّوا من عبادة المجاهدة وتحمّل المشاقّ في سبيله وهذا بعيد عنهم ، ومع هذا لا معنى لاختفاء صاحب الزمان عليهالسلام بخصوصه فإنه ليعلم باليقين أنه يعيش إلى نزول عيسى عليهالسلام ولا يقدر أحد على قتله ، وإنه سيملك الأرض بحذافيرها فأي شيء يتخوف منه ويختفي ، ولم يظهر الدعوى ويتحمل المشقّة كما فعله سيّد الشهداء عليهالسلام فالاختفاء مناف لمنصب الإمامة الّذي مبناه على الشجاعة والجرأة ، فهلاّ خرج وصبر واستقام إلى أن ظفر ، واستتار سيّد الأبرار من خوف الكفار فكلام واقع في غير موقعه لأن استتاره لم يكن لإخفاء دعوة النبوّة بل كان من جنس التورية في الحرب وهذا أيضا كان ثلاثة أيام فقياس ما نحن فيه عليه غاية حماقة ووقاحة ... انتهى ».
المؤلف : أولا : قوله : « وأيضا ما ذكروه من تخويف الناس للأئمة غير مسلّم ».
فيقال فيه : لقد علم المسلم والكافر والبر والفاجر والعالم والجاهل أن بني أمية وأمراء بني العباس وولاتهم الظالمين المفسدين في الأرض قد أخذوا على الأئمة من آل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أطراف الأرض وآفاق السّماء ، ولم يراعوا فيهم إلاّ ولا ذمة ولا احتراما لحقوقهم ولا رعاية لحرمتهم ، بل استعملوا معهم كلّ أنواع التحقير والتذليل والقتل والإهانة حتى أتوا على آخر نفس من أنفاس حياتهم