الخامس : إن أراد بالإجماع الأشاعرة وحدهم ففاسد أيضا ، لأنه لا أثر لإجماعهم ولا حجّة فيه على شيء إطلاقا فلا يكون دليلا منطقيا له حجيّته لأن الخصم لا يكون حكما ، وما تفرّد به لا يكون حجّة على خصمه المخالف له في الرأي والمبدأ.
ثامنا : قوله : « وأنكر جميع الشيعة رؤية الإله إلاّ المجسّمة منهم ».
فيقال فيه : أولا : إن الظاهر من مقال هذا الخصم إن القول برؤية الله ملازم للقول بتجسيمه ، فكلّ من قال بإمكان رؤيته قال بتجسيمه وأن له أبعادا من الطول والعرض والعمق ، وعليه يكون الآلوسي مجسّما للإله في دعوى رؤيته.
ثانيا : ليس في الشيعة من يقول بتجسيم الإله إطلاقا ، بل يعتقدون كما مرّ أنه ليس بجسم ، وإنما قال بتجسيمه خصوم الشيعة وأعداؤها الّذين قالوا إنه جالس على العرش كجلوسهم على الأرض كما ألمعنا.
ثم إن إنكار رؤيته تعالى ليس من خواص الشيعة وحدهم ، بل أنكر ذلك كافة أهل العقل وعلى هذا الإنكار جميع الفلاسفة والمتكلمين والمعتزلة من أهل السنّة ، ولم يخالف في ذلك إلاّ الأشاعرة كما يجد ذلك كلّ من راجع كلماتهم في هذا الباب من كتب الفلسفة والكلام.
تاسعا : قوله : « وعقيدتهم هذه مخالفة للكتاب والعترة ».
فيقال فيه : إنما خالف الكتاب والعترة في عقيدته وسائر أقواله وأعماله هو وغيره من المنحرفين عن الثقلين كتاب الله وعترة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أهل بيته عليهمالسلام الّذين قالوا إنّ الله يدا ورجلا وساقا وأعضاء وجوارح ، وأنّه ينزل في كلّ ليلة جمعة على حمار في صورة شاب أمرد وينادي إلى الصباح : هل من مستغفر هل من تائب ، أما خصوم الآلوسي فيعتقدون في الله تعالى أنه ليس كمثله شيء ، وهو خالق كلّ شيء ، ولا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللّطيف الخبير ، لا إله إلاّ هو ربّ العالمين ، وقد أدلينا عليك فيما مرّ فساد احتجاجه بآية : ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ) على رؤيته ، وأن الآية صريحة في المنع لا سيّما بلحاظ حكم العقل القاطع بامتناع رؤيته.