بررة ، وأن الفئة التي قاتلت معه كلّهم بررة ، ويقول القرآن : ( إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ) [ الإنفطار : ١٣ ـ ١٤ ] فكيف يصح للآلوسي أن يساوي ـ عنادا لله ولرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بين الفريقين ، فريق الأبرار الّذين كانوا مع عليّ عليهالسلام وفريق الفجّار الّذين قاتلوه ، ويقول باطلا آثما : ( فكلّ من الفريقين معذور وكان أمر الله قدرا مقدورا ) والله تعالى يقول في كتابه العزيز : ( لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ ) [ الحشر : ٢٠ ] وهو نص صريح في نفي المساواة بين الفريقين ، ولا شيء من ذلك بداخل في قوله تعالى : ( وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً ) [ الأحزاب : ٣٨ ] لأن قتال الفئة الباغية وغيرها عليّا عليهالسلام لم يكن من أمر الله في شيء ولا هو منه على شيء ، بل الأمر معكوس على هذا المستدلّ لأن الله تعالى أمرهم بطاعة عليّ عليهالسلام لا بقتاله عليهالسلام وجعل طاعته كطاعة نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فهذا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : ( من أطاع عليّا فقد أطاعني ، ومن عصى عليّا فقد عصاني ) (١) ويقول صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( من أبغض عليّا فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله ، ومن أبغض الله فقد كفر ) (٢) ويقول صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( من آذى عليّا فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ) (٣) وقال تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) [ التوبة : ٦١ ].
فلو كان قتالهم له عليهمالسلام من أمر الله ـ كما يزعم ـ لبطل هذا كلّه ، ولما صح قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيهم أنهم بغاة ودعاة إلى النّار ، إذ لا شيء من أمر الله يدعو إلى النار.
ويزداد لديك فساد هذه المزعمة وضوحا إذا لاحظت ما قبل الآية الكريمة ، وهو قوله تعالى : ( ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ
__________________
(١) أخرجه الحاكم في مستدركه ( ص : ١٢٧ ) من جزئه الثالث في باب فضائل عليّ ، وصححه على شرط البخاري ومسلم.
(٢) أخرجه السّيوطي في جامعه الصغير ( ص : ١٣٦ ) من جزئه الثاني وصححه من الطبعة الأولى ، وأخرجه الهيتمي في صواعقه ( ص : ١٢١ ) من الطبعة الأخيرة ، وهو الحديث السّابع عشر من الأحاديث التي أوردها في فضائل عليّ عليهالسلام في الفصل الثاني من الباب التاسع وحسّنه.
(٣) أخرجه الحاكم في مستدركه ( ص : ١٢٢ ) من جزئه الثالث ، والذهبي في تلخيصه ، وقد اعترفا بصحته على شرط الشيخين.